على مدار سنوات من العمل والدعم والمتابعة انتقلت الوردة الشامية من كونها وردة يعمل بها تجمع من الأهالي في قرية المراح بريف دمشق إلى موروث ثقافي واجتماعي ومحصول اقتصادي استراتيجي لمزارعيها، واستطاعوا بالجهد المتواصل تطوير إنتاجها وكل ما يرتبط بها حتى وصلت إلى جميع أنحاء العالم.
أهالي قرية المراح وهم يجنون محصولهم الأهم أوضحوا لمراسلة سانا أن ما يربطهم بالوردة حكاية عمرها عشرات السنين، عاشوا خلالها مختلف أنواع الطقوس وتربوا على عشقها، فباتت ذاكرتهم ومستقبلهم ورمزاً لتراثهم، وأساس معيشتهم وعنوان ثقافتهم وعاداتهم، ما تطلب منهم جهوداً مضاعفة لحمايتها كمحصول اقتصادي وزيادة إنتاجها ليظل اسمها رمزاً للثقافة والجمال.
المزارعة غادة البيطار وهي تحنو على شجيرات الوردة لتقطف بتلاتها أشارت إلى أنه يكفيها فخراً أن الوردة باتت على قائمة التراث العالمي إضافة إلى أنها ارتقت وانتقلت بحياتهم الى أماكن أخرى لم تكن سابقاً.
محمود خوجه قال: إنه “يعمل بزراعة الوردة منذ أكثر من ثلاثين عاماً وقد تربى على محبتها، واستطاع خلال الفترة الماضية زيادة المساحات المزروعة لأنها بات من أهم المحاصيل الاقتصادية لأهالي المراح، بينما لفت المزارع شكيب البيطار إلى أن منتجاتها وصلت إلى جميع أنحاء العالم وأصبحت من أهم الورود لهذا ضاعف مزارعو القرية جهودهم لحمايتها والتوسع في زراعتها وإنتاجها وتربية الأجيال القادمة على محبتها.
ومن الأمانة السورية للتنمية بينت يارا برهوم أن الأمانة تعمل مع المجتمع لتطوير وتعزيز ثقافة هذا الموروث والحفاظ عليه، وهذا ما تقوم به في قرية المراح التي ارتبط اسمها بالوردة الشامية للحفاظ عليها والتوسع في زراعتها وإنتاجها.
مؤسسة البيطار لإحياء وتطوير الوردة الشامية كانت حاضرة في مهرجان القطاف من خلال جهاز لتقطير ماء الورد لتعريف الزائرين كيف تتم عملية التقطير واستخراج منتج طبيعي مئة بالمئة وفق فهد البيطار أحد أعضاء المؤسسة مبيناً أن المؤسسة تعمل منذ سنوات بالتنسيق والتعاون مع الأمانة السورية للتنمية والجهات الأخرى لتعميم ثقافة التوسع بزراعة الوردة الشامية.
أحد مسوقي منتجات الوردة علي البيطار يعمل من خلال الأكشاك المنتشرة في الحقول على تعريف الزوار بفوائدها وأهميتها، موضحاً كيف انتقلت الوردة من محصول عادي إلى منتج وصل إلى مختلف المجتمعات وبات يطلب بالاسم، والعمل جار على تطوير منتجاتها للوصول بها إلى العالم.
ضيوف مهرجان القطاف الذين تنوعوا بين الفنانين والدبلوماسيين وفعاليات المجتمع المدني والأهلي قدموا من مختلف المحافظات لمشاركة أهالي المراح بقطاف الوردة والتعبير عن عشقهم لها والتعرف عليها عن قرب.
الفنانة سلاف فواخرجي أشارت في تصريح لمراسلة سانا إلى أن أهمية الوردة تنبع من كونها باتت رمز سورية للجمال والثقافة وارتفع شأنها بعد تسجيلها على لائحة التراث العالمي اللامادي ما يتطلب منا كفنانين العمل على ترسيخ أهميتها ضمن أعمال درامية تتحدث عن مكان وجودها والمجتمع الذي يعمل بها، والطقوس الاجتماعية المرتبطة بها وتعريف الناس بهذا الموروث المهم.
ومن سفارة فلسطين لفتت حلا العكيوك أحد أعضاء النادي الدبلوماسي السوري إلى أن مشاركتها لأهالي المراح بقطاف وردتهم تعد من أجمل التجارب وأروعها حيث تعرفت على طيبة وبساطة أهالي تلك القرية الحالمة الجميلة التي تحتضن في أراضيها وردة وصل صيتها إلى جميع أنحاء العالم.
وكان مهرجان قطاف الوردة الشامية انطلق بقرية المراح في الخامس والعشرين من هذا الشهر بمشاركة شعبية ورسمية واسعة.