اعتبر الدكتور محمد العصيري رئيس الجمعية الفلكية السورية ومدير المرصد الفلكي السوري أن التفريغ الذي خلفه الزلزال الذي ضرب سورية فجر الإثنين الماضي ريح الصفيحة العربية، وفعليا حمى جميع الفوالق الموجودة على الصفيحة من زلزال آخر مدمر.
وأشار العصيري في حديث لـ سانا إلى أن الزلزال حدث وانتهى، ومن غير المحتمل أن يتكرر زلزال آخر بنفس القوة، لافتاً إلى أن الفترة القادمة ستشهد استقرار الصفيحة بعد الانتهاء من الهزات الارتدادية الضعيفة، وأن هناك طاقة كبيرة تفرغت على شكل أجزاء ما حمى المنطقة من زلزال كبير يفوق 8 درجات على مقياس ريختر.
وعن إمكانية التنبؤ بمكان وزمان الزلزال أشار الباحث العصيري إلى أن توقع حدوث الزلزال أمر غير علمي، وحتى الآن نعتمد على المؤشرات التي تسبق الزلزال أو تتبعه والتي لا تعطي فرصة إلا قبل بضع ثوان من حدوثه، لكن هناك دراسات تاريخية تشير إحصائياً إلى وجود زلزال كل فترة زمنية تحسب بمئات السنين، وقد حل موعدها بهذه الفترة.
وبين الدكتور العصيري أن المجتمع تداول فكرة حدوث تسونامي وهو أمر مستبعد في منطقتنا لسبب أنه يحتاج إلى زلزال مدمر في قلب البحر يتجاوز 8 درجات على مقياس ريختر، إضافة إلى أن البحر الأبيض المتوسط هو بحر شبه مغلق وصغير وبالتالي لا يسمح بتشكل الأمواج التسونامية العالية، وهذا أمر مستبعد وفق ما يراه العلماء.
وعن الهزات الارتدادية والطبيعية التي حدثت في أماكن متفرقة من الجغرافيا السورية واللبنانية والفلسطينية، وخاصة في فالق البحر الميت والتي أقلقت العالم قال العصيري: إنها طبيعية تماماً ولا سيما أنها تنتشر على نفس الصفيحة، وهذا يقي المنطقة من زلزال مدمر آخر، وخاصة في هذا الفالق، أي أن حجم الزلزال الذي وقع في السادس من شباط حمى المنطقة بشكل كامل من زلازل أخرى متوقعة.
وحول ما يتردد عن أن السدود المبنية في تركيا كانت أحد أسباب الزلزال أوضح العصيري أن تركيا تعتبر من أكثر الدول التي أقامت السدود، وهو ما حرم دولا كسورية والعراق من حقها الطبيعي في هذه المياه، مبيناً أنه من الناحية العلمية ما تحصره هذه السدود من مياه لا يشكل مسببا للزلزال، بل عامل مؤثر في شدة الزلزال، لافتاً إلى أن ضعف القشرة في أماكن السدود ينذر بقلق حقيقي فيما لو أثر على تلك السدود وسبب تصدعات فيها، ما يهدد قرى ومدناً في سورية والعراق بالغرق تحت الماء.
أما عن إطلاق التوقعات عن زلازل أخرى فأكد العصيري أن هذا الكلام ليس علمياً وليس دقيقاً، بل هو ضرب من التنجيم الذي يرفضه العلم والعقل والمنطق، مبيناً أنه لا تأثير للأجرام السماوية، عدا الشمس والقمر على الأرض لا من ناحية الزلازل ولا بمعرفة المستقبل، ولا الحالة النفسية للإنسان ويسمى هذا التنجيم بالزيف، داعيا إلى ضرورة الابتعاد وعدم تصديق الإشاعات، وما تتناوله مواقع التواصل الاجتماعي.
وعن إمكانية وجود زلزال مفتعل رأى رئيس الجمعية الفلكية السورية أنه لا يمكن أن يكون الزلزال مفتعلاً باعتبار أنه لا يمكن لأي دولة حتى اليوم أن تمتلك هذه الطاقة التدميرية، وأن تفجرها في نقطة واحدة على هذا العمق، إضافة إلى أنه لا توجد أي حالة استثنائية فلكية للأجرام السماوية ممكن أن تكون قد ساهمت بهذا الزلزال، مبيناً أن حدوث هذا الزلزال هو طبيعي في منطقة يمكن أن يحدث فيها هكذا زلازل، وأن عدد الهزات الارتدادية مؤشر لمدى الطاقة التي كانت محتبسة تحت تلك القشرة.
يذكر أن الدكتور محمد حاصل على دكتوراه في الفيزياء الفلكية وماجستير في علوم الليزر من جامعة دمشق، وهو باحث في علوم الفلك والفضاء والفيزياء وثقافة علم الزلازل، حيث قدم الكثير من القراءات والدراسات التطبيقية في ذلك وحول ما حدث من زلازل وهزات ارتدادية.