مجموعة التقاليد والآثار والثقافات العريقة الموروثة من أجدادنا القدماء هو التراث الذي أغنى حاضرنا بالقيم والقيمة فالحفاظ عليه واجب يبدأ بالتصدي لمحاولات العولمة في تهميش هوية الشعوب وثقافاتها.
ولدى سورية الكثير من التراث الذي يحتاج إلى جهود منظمة للحفاظ عليه ليكون من مظاهر التنمية المستدامة فيها باعتبارها مهد الحضارة الإنسانية، وللوقوف على أهميته وضرورة الحفاظ عليه التقت سانا عدداً من الأدباء والباحثين الذين أكدوا أهمية التراث في حياتنا ومدارسنا وجامعاتنا لأنه الهوية ومرآة الامم الحضارية.
من جانبه بين رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني أنه لا يمكننا أن نتحدث عن أي من الأجناس الأدبية دون غيره من جهة أثره الثقافي وحضوره التاريخي، لذلك من غير الصحيح تصنيف التراث بالطريقة الضدية التي يتحدث عنها بعضهم كتراث مادي أو لامادي.
وأوضح الحوراني أن التراث يشتمل على منظومة من القيم والموروث الثقافي والتاريخي العريق الذي استهدفته الحرب الكونية على سورية من خلال العولمة والحداثة وما بعد الحداثة والليبرالية وما بعد الليبرالية لأننا في أيامنا هذه نجد استهدافاً لتراثنا لاستبداله من قبل عدونا الذي يسعى إلى نسبه له نظراً لقوة هذا التراث وعراقته.
رئيس تحرير مجلة التراث العربي الدكتور فاروق اسليم رأى ان العادات الوافدة إلى سورية بفعل الاحتلال بأشكاله المختلفة ليست تراثاً لأنّها لا تمثّل خصوصيّة ثقافيةّ متجذّرة في مجتمعنا، وقد تكون مناقضة له تماماً، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية المتنوعة التي تقدمها المؤسسات الثقافية احتفاءً بالتراث بأنواعه المتعددة.
ولفت اسليم إلى أن إدراج اليونسكو (عام 2021) للقدود الحلبيّة على لائحة التراث الإنساني عمل وطني رائد، ولدى سورية الكثير من التراث الذي يحتاج إلى جهود منظمة للحفاظ عليه وتنميته ليكون من مظاهر التنمية المستدامة فيها لأنها مهد الحضارة الإنسانية.
والتراث العربي تراث عريق وصل إلينا رغم البعد الزمني إلا أنه أثبت أنه تراث من الصعب النيل منه وفق ما أوضحته الدكتورة الناقدة ريما دياب، لافتة إلى أن هدف العدو الغزو الثقافي وغزو الفكر وتشويه صورة التراث وأن لدور النشر اليوم العامل الأكبر في حفظه ومتابعته، موضحة أن بعض ما ينشر اليوم من أدب هو خال من الأسس الحقيقية الثقافية التي تكونه، الأمر الذي يساهم سلباً على التراث الثقافي والأدبي.
أما الباحثة الدكتورة آلاء عيسى رأت أن التراث في مجمله نوعان تراث مادي يتمثل فيما يُخلِّفه الأجداد من آثار ظلت باقية من المنشآت التاريخية والمباني الحربية والمدنية، والَّتي تُعرف بالآثار الثَّابتة، وأمَّا التُّراث اللامادي فهو تراث ثقافي يشمل الممارسات والتَّصوُّرات وأشكال التَّعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافيَّة والَّتي تعد جزءاً منه والمهدد بالاندثار بفعل التّحولات الاجتماعيّة والثَّقافية والاقتصاديّة.
ولفتت إلى أنه لا بد من العمل على حماية التّراث الثَّقافيّ، الأمر الذي يعكس حرصنا للحفاظ عليه والعمل على صونه، واستثمار الوسائل التّكنولوجية لتوظيفه في خدمة الأهداف التنموية واتخاذ التدابير اللازمة والعاجلة لجمع التُّراث الشعبي وفق قواعد وبيانات علمية، تسمح بالاستثمار الفعلي لها، بهدف إعادة إحياء الكثير منه.
الباحث الدكتور بسام جاموس رأى أن التراث اللامادي من أشكال المعارف والمهارات والممارسات والتصورات المعبرة وما يرتبط بها وتعتبرها المجتمعات وحتى الأفراد جزءاً من تراثهم الثقافي مثل التقاليد وأشكال التعبير الحية الموروثة من أسلافنا والممارسات الاجتماعية والممارسات الاحتفالية والطقسية والفلكلورية، وهي التي تنتقل من جيل إلى جيل، وعلينا الحفاظ عليها وحمايتها لأنها جزء من التراث الثقافي واللامادي.
وعن أهمية موروث الأدب والخطابة والحكاية قال الدكتور الشاعر جهاد بكفلوني رئيس تحرير جريدة الآداب العالمية: إن الأدب القديم بما يتضمنه لم يتمكن أحد من تجاوزه، فالحفاظ عليه هو من أهم مقومات الثقافة والتطور الذي لا يعني تجاوزه أو إهماله، لافتاً إلى أن كل معطيات الحداثة لم تقدم أقوى وأهم منه، لذلك علينا أن نحافظ على تراثنا بكل الوسائل الثقافية والإعلامية.