سطرت الأم السورية أروع وأعظم قصص التفاني والتضحية والصبر في عشق الوطن ورعاية أسرتها سواء حين ضحت بفلذة كبدها أو حين سهرت على رعاية أبنائها وخاصة منهم ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي عيد الأم تتحدث سهيلة إسماعيل من قرية المزرعة التابعة للشيخ بدر في طرطوس لمراسلة سانا عن صدمة الألم والحزن حين تلقت نبأ استشهاد ابنها حسين إبراهيم عام 2013 بعد أن كانت معايدته لها بلسما يداوي جرح فراقه وكانت تتمنى عودته سالماً لكنه زف إليها شهيداً للوطن.
ولم تكد تخرج من صدمتها باستشهاد حسين حتى أتاها نبأ استشهاد أخيه حيدر العام الفائت.. حينها تأكدت سهيلة أن حليب الأم التي أنجبتهما لهذا اليوم لم يذهب سدى في سبيل عزة الوطن وكرامته وأن سورية هي الأم وعلينا جميعاً أن نضحي من أجلها رغم مرارة الفراق وقساوته حيث ستذهب اليوم إلى ولديها لمعايدتهما في يوم عيدها.
نوال عبد الله والدة الشهيد مجد العلي من قرية المجيدل بالشيخ بدر فقدت أيضاً في عام 2012 ابنها الذي استشهد أثناء إحدى المهام في دمشق فتقول “لقد قضيت أياماً طويلة أبكي وحدي وأدعو له بالنصر والعودة سالماً حيث ودعني في آخر إجازة له وطلب مني أن أبقى قوية كما عهدني وألا أبكي إن لم يعد”.
سنوات الغياب الطويلة وحتى الآن لم تكن كفيلة بأن تنسي نوال ابنها فهي لا تزال تحتضن صورته وتواصل تربية إخوته على حب الوطن والتضحية في سبيله مهما كان الثمن.
تضحيات الأمهات وصبرهن تجلى أيضا بالسيدة الستينية سعاد شما من قرية بيت ضاحي بريف مدينة بانياس فقد تمكنت من التغلب على ظروف الحياة القاسية التي مرت بها بسبب إصابة أولادها الأربعة بأمراض مختلفة اثنان منهما من ذوي الاحتياجات الخاصة وزاد عليها إصابة زوجها بالسرطان.
وبإيمان كبير وبعاطفة الأمومة التي لا تنضب تؤكد سعاد أنها لم تضعف يوماً بل سعت بكل ما تملك من قوة وصبر لتحمل مشقة الاعتناء بهم دون تذمر أو رفض.. فتوضح أن ابنها الأكبر بسيم يعاني ضعفاً في السمع بنسبة 90 بالمئة وأن الوضع الصحي لأولادها يتطلب رعاية خاصة ومساعدتهم على قضاء احتياجاتهم إضافة إلى الحرص على تناولهم الأدوية في مواعيدها المحددة ومتابعتهم في المشافي والعيادات رغم صعوبة ومشقة التنقل لأن المسافة بعيدة جداً من قريتها إلى مدينة بانياس حيث توجد المراكز الصحية والعيادات المتخصصة إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية.
معاناة سعاد لم تكن فقط مع أولادها الأربعة إنما مع إصابة زوجها بالسرطان والذي توفي به العام الماضي بعد معاناة دامت 10 سنوات موضحة أنها عانت المزيد بعد وفاته حيث افتقده الأولاد لكنها كعادتها احتضنتهم بدفء ومحبة وخففت عنهم آلام فراق والدهم.