رغم اشتهار حلب بالقدود إلا أن حجم انتشارها عم جميع المحافظات في سورية منها السويداء والتي استهوت أبناءها كمستمعين ومغنين وعازفين.
ووفقاً للباحث الموسيقي سلمان البدعيش فإن القدود الحلبية التي انتشرت في أرجاء سورية والدول العربية وكان صاحب الفضل الأول المطرب الكبير صباح فخري تحظى بحضور واسع لدى مطربي السويداء المحليين الذين أجادوا أداءها أمثال شادي هلال و فراس الانس و وسام حاطوم وغيرهم.
ولأن القدود تمتاز بجملها اللحنية الطويلة وإيقاعها البطيء وفقاً للبدعيش لاقت هوى عند متذوقي الفن في السويداء حتى أنها أصبحت ملازمة لسهراتهم كما يلجأ الكثيرون من جيل الشباب لترديدها في مختلف المناسبات.
ويوضح الموسيقي لؤي عماد رئيس القسم الشرقي في معهد فريد الأطرش للموسيقا أن القدود تعزف على جميع الآلات الموسيقية الشرقية البزق والناي والقانون والعود وتتطلب من ناحية العزف توفر الإحساس العالي لدى العازف والدقة والتركيز كما يكثر الارتجال فيها لكن بشكل مدروس مبيناً أنه من شأنها رفع الذائقة الفنية لدى العازف والمغني والمتلقي باعتبارها بناء موسيقيا راقياً وطرباً أصيلاً.
ونظراً لضرورتها يتم في معهد فريد الأطرش تدريب الطلاب على عزف القدود وكذلك غناؤها الذي يعد أصعب من عزفها كونها تحتاج كما ذكر عماد إلى صوت قادر على أدائها وتلوين وتمويج صوتي عرب.
ولا يتوقف تدريس القدود على المؤسسات الأكاديمية الحكومية بل هو جزء من مناهج المعاهد الخاصة حيث يوضح في هذا الصدد الفنان أدهم عزقول مدير معهد فهد بلان للموسيقا والمدرب في مجال الغناء أنه يتم تدريب الطلاب عليها بالمعهد انطلاقاً من أهمية علم المقام وتنوع المقامات الملحنة عليها وذلك بما يرفع الذائقة الفنية لديهم.
ويؤكد عزقول توثيق هذه القدود والحفاظ عليها كونها من الفنون الموسيقية السورية الأصيلة التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم وتعد في أصلها أغاني شعبية سهلة اللحن تصلح لجميع المناسبات والاحتفالات.
ويجد المطرب الشاب وسام حاطوم متعة في غناء القدود الحلبية التي تغنى لمتذوقي الفن من أصحاب الأذن الطربية وتعد من أجمل ما يغنى في ليالي الطرب حيث تضفي على السهرات رونقاً مميزاً مبيناً أن أداءها يحتاج لمطرب نبرته الصوتية قوية ويملك إمكانيات فنية عالية وثقافة موسيقية لافتاً إلى إمكانية الجمع فيها بين أكثر من مقام.
يذكر أن ملف القدود الحلبية أدرج في الشهر الفائت على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو بعد عمل دؤوب وممنهج قامت به الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع المجتمع المحلي بحلب ومؤسسات حكومية وأهل الاختصاص وفي مقدمتهم الراحل صباح فخري الذي قدم دعماً معنوياً وعلمياً وشارك بجزء من مسيرته في إثراء هذا الملف.