يصادف اليوم 18 كانون الأول اليوم العالم للغة العربية فهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم إذ يتكلمها ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة وهي ركن أساسي من أركان التنوع والتواصل الثقافي في العالم بسبب عراقتها وجمالها وقدرتها على مواكبة الحضارة قديمها وجديدها.
واللغة العربية هي العنصر الأهم الذي يجمع بين أبناء العروبة فقد صمدت أمام أعدائها ولم ينالوا منها رغم محاولاتهم العديدة عبر قرون وموجات مختلفة من الاحتلال والاستعمار ليرحل المحتلون وتبقى اللغة.
الدكتور محمود السيد نائب رئيس مجمع اللغة العربية أوضح أن الأمم المتحدة تحتفل بلغات ست على الصعيد العالمي منها الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والصينية والروسية ودخلت اللغة العربية عام 1973 وكان السبب في دخولها بعد حرب تشرين التحريرية هو تضامن العرب وإثباتهم وجودهم على الصعيد العالمي واللغة تواكب الذين يتكلمون بها تقوى بهم وتضعف بضعفهم ولذلك اعتمدت في الأمم المتحدة وجاء المجلس التنفيذي لمنظمة التربية والعلوم والثقافة اليونسكو وقرر أن يكون الموعد المحدد للاحتفال العالمي بيوم اللغة العربية هو 18 كانون الأول يوم دخول العربية إلى الأمم المتحدة.
ولفت السيد إلى أن هناك معايير لاعتماد أي لغة لتكون عالمية منها عدد المتكلمين بها وعدد المتكلمين الثانويين وهل هي معتمدة رسمياً في دول متعددة ولها انتشار في أكثر من قارة وخصوبة المجتمع والنمو السكاني للمجتمع الذي يستخدم هذه اللغة ونسبة التعليم والتنمية كل هذه المعايير كانت تنطبق على اللغة العربية فهي في ضوء كل المعايير العالمية لغة متميزة على الصعيد العالمي وهناك دول كبيرة لم تدخل لغتهم إلى الأمم المتحدة كالألمانية والفارسية وسواها.
الدكتور غسان غنيم أستاذ الأدب الحديث والمعاصر بجامعة دمشق بين أن أهمية اللغة العربية تنبع من حيث اتساعها وقدرتها على استيعاب العلوم الحديثة والقديمة إضافة إلى قدرتها على الاشتقاق والتلاؤم مع التقدم والمعاصرة إضافة إلى عنصر القداسة فهي لغة القرآن الكريم وأشار غنيم إلى أن الكثير من اللغات أخذت من اللغة العربية كالطورانية والفارسية ورغم أنها تعرضت للفتور في مرحلة الاحتلال العثماني بسبب سياسة التتريك إلا أنها عادت وتألقت في عصر النهضة على يد المفكرين كبطرس البستاني وساطع الحصري وسواهم مبيناً أن معظم اللغات يغيرها الزمن أما العربية فقد تبدل فيها الكثير من المفردات والكلمات لكن نظام الجملة في اللغة العربية لم يتبدل وذلك هو الأساس.
الدكتور جمال أبو سمرة عضو لجنة تمكين اللغة العربية بالقنيطرة بين أن العربية تجذرت في الوجدان الإنساني والعالمي من خلال أنها أصبحت لغة الدين والتواصل والأدب والعلوم المتنوعة وقد برزت من خلال دورها في التواصل الإنساني عبر العالم كوسيط لنقل الكثير من الفلسفات والعلوم الإنسانية والمعارف العلمية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة ما أعطاها القوة فهي إحدى اللغات التي سعت لإقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية إلى الهند وطريق الحرير عبر القرن الإفريقي ليبرز دورها في التواصل الحضاري والإنساني وهذا سبب من أسباب خلودها.
ولفت أبو سمرة إلى أن بعض المستشرقين تعلموا اللغة العربية بهدف النيل منها ولكنهم أعجبوا بها وقوة تجذرها وقدرتها على مواكبة الحضارة والتكنولوجيا فهي قوية على مستويين.. عراقتها وقدرتها على العولمة والرقمنة لذلك استطاعت أن تفرض نفسها والمستوى الثاني دورها في التواصل الحضاري وإقامة الحوار بين الحضارات والاحتفال داعياً إلى التحدث بها في منابرنا الأدبية والإعلامية والمحافل الدولية فقوة الأمم تنعكس من خلال اللغة والعكس صحيح والاعتزاز بها.