أصدرت الصين يوم الثلاثاء كتابا أبيض بعنوان “التخفيف من حدة الفقر: تجربة الصين ومساهمتها”، حيث يصور الكتاب الأبيض جهود الصين للتخفيف من حدة الفقر، ويشارك تجربة البلاد الناجحة، ويعرض مساهمتها في القضاء على الفقر في دول ومناطق أخرى.
إن القضاء على الفقر أولوية وهدف مشترك للمجتمع الدولي. وعلى مدى عقود، حققت دول في جميع أنحاء العالم، عبر جهود مشتركة دؤوبة، إنجازات ملحوظة في انتشال الشعوب من براثن الفقر وتحسين ظروفهم المعيشية.
ورأى خبراء عرب أنه ليس من السهل تكرار تجربة الصين وممارستها في مجال الحد من الفقر لأن لكل دولة ظروفها الخاصة. ولكن يمكن دراسة وتعلم بعض عناصر قصة النجاح هذه، مثل الفلسفة المرتكزة على الشعب والإستراتيجيات المناسبة والمشاركة العميقة في التعاون العالمي.
فقد قال رئيس جمعية الصداقة المصرية – الصينية السفير أحمد والي، في كلمة خلال الندوة التي عقدتها جمعية الصداقة المصرية – الصينية في الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة، بمناسبة الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، إن الحزب الشيوعي الصيني نجح في نشر التعليم على مستوى البلاد، وبناء الطرق والسكك الحديدية والمصانع والسدود والقضاء على الفقر وتعزيز المساواة بين الجنسين.
وفي الواقع، بعد سنوات من الجهود، فإن جميع سكان الريف في الصين الذين يعيشون تحت خط الفقر الحالي، والبالغ عددهم 100 مليون نسمة تقريبا، تخلصوا من الفقر في عام 2020، في حين أُسقطت جميع المحافظات الـ832 الفقيرة و128 ألف قرية من على قائمة الفقر. ولمنع هؤلاء من الوقوع في براثن الفقر المدقع مرة أخرى، صاغت الدولة مجموعة من السياسات مثل تعزيز التدريب على المهارات، وخلق المزيد من فرص العمل وتحسين البنى التحتية على المستوى المحلي.
وبدوره، قال نائب وزير الخارجية الأسبق سفير مصر السابق لدى بكين علي الحفني، إن الخبراء يركزون على موضوع التنمية المتكاملة، “لأن تجربة الصين في هذا المجال خلال العقود الأربعة الماضية تعلمنا الكثير من الدروس”.
وفي مكافحتها للفقر، اتبعت الصين سلسلة من الأساليب المناسبة لظروفها الخاصة. فقد افسحت الطريق كاملا أمام ميزة منهجية تتمثل في قدرتها على تعبئة موارد اجتماعية واقتصادية هائلة وجمع الحكمة ونقاط القوة للتعامل مع القضايا الحرجة.
وسنت البلاد سياسات مواتية وقدمت المزيد من المساعدة لرفع مستوى رفاه هذه المجموعات، وفقًا لما ذكره الكتاب الأبيض الذي يحمل عنوان “التخفيف من حدة الفقر: تجربة الصين ومساهمتها”؛ وتشمل هذه السياسات تقديم دعم مالي قوي، واستكشاف مسار جديد، ودفع تحقيق نمو اقتصادي مستدام وسريع في المناطق الفقيرة، ورفع معايير المعيشة للفقراء، وضمان حقوق الفئات المحرومة في العيش والتنمية ومن بينها النساء والأطفال وكبار السن وكبار السن العاجزين.
ومن جانبه، قال الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي الصيني للتنمية في المغرب، “أثناء مقامي في الصين، عاينت بشكل ملموس كيف تنعكس مختلف السياسات على المواطن البسيط، وتخفف عنه أعباء التطبيب، والتعليم والخدمات، مما يمكنه من تخصيص مدخوله في تحسين جودة معيشته وتحفيزه على أن يتطور من أحسن إلى أحسن”.
ومع ذلك، وسط التحديات المتعددة لمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) المستعر، والاقتصاد العالمي المترنح، فضلا عن الكوارث المناخية في جميع أنحاء العالم، قدر البنك الدولي بأن ما يصل إلى 150 مليون شخص سينزلقون إلى براثن الفقر المدقع بنهاية عام 2021.
وفي ظل هذه الظروف، تغلبت الصين على الصعوبات وحققت نصرا كاملا في الموعد المحدد في مكافحتها للفقر، وهي خطوة حاسمة وراسخة في الحملة العالمية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وقد ذكر الكاتب الأردني المتخصص بشؤون الصين والعلاقات الصينية العربية سامر خير أحمد أن الصين قدمت نموذجاً مهماً لمحاربة الوباء وذلك على المستويين الدولي والمحلي. فعلى المستوى المحلي الداخلي، نجحت الصين من خلال جهود حثيثة في وضع البلاد على طريق التعافي، من حيث إجراءات الحجر الصحي الصارمة، وتتبع انتشار الفيروس، والموازنة بين البعدين الاقتصادي والصحي في إدارة هذه الأزمة، بحيث يتواصل العمل والإنتاج وينحسر تأثير الوباء على سُبل معيشة الناس في البلاد.
وعلى الصعيد العالمي، شاركت الدولة بنشاط، باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم وداعية مخلصة لقضية الحد من الفقر العالمي، في التعاون العالمي والعمل مع الشركاء في جميع أنحاء العالم لتحقيق التنمية والمنافع على الصعيد المشترك، لا سيما في إفريقيا وغيرها من الدول النامية من خلال آليات مختلفة مثل مبادرة الحزام والطريق.
وفي ظل توافقها الأعمق مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، تقدم المبادرة التي اقترحتها الصين فوائد تنموية لجميع المشاركين، إذ أظهر تقرير للبنك الدولي أنه عند تنفيذ المبادرة بكامل إمكاناتها، يمكنها أن تنتشل 7.6 مليون نسمة من الفقر المدقع و32 مليونا من الفقر المعتدل.
وفي هذا الصدد، قال السفير المصري السابق علي الحفني إنه “يمكن لمصر ودول أخرى الاستفادة من تجارب الصين في إطار التعاون المتبادل، وكذلك من خلال مبادرة الحزام والطريق التي أثرت بشكل إيجابي على الاقتصاد العالمي على الرغم من إطلاقها قبل بضع سنوات”.
شينخوا