أثار انتحار الحارس الشخصي لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بعدما ترك رسالة تفيد بتعرضه لضغوطات وتهديدات وإهانات متكررة أثناء عمله تساؤلات حول حجم الضغوط التي يتعرض لها أقرب المقربين من هذا النظام الذي لم يكتف بمعاقبة المعارضين لسياساته بل تعداها الى الدائرة المحيطة به فضلا عن تفشي ظواهر مجتمعية خطيرة في تركيا في ظل ازماتها السياسية والاقتصادية الناجمة عن سياسات أردوغان.
وسائل إعلام تركية أفادت أنه إثر تغيبه عن العمل ووجود هاتفه خارج التغطية بادر زملاء الضابط المنتحر محمد علي بولوت للذهاب إلى شقته لمعرفة سبب تغيبه ليجدوه جثة هامدة وبجانبه رسالة كتبها قبل أن ينتحر.
ويقول الحارس الشخصي في رسالة انتحاره “ينبغي أن تتعاطى مع موظفيك بطريقة أحسن بدلا من إهانتهم وتحقيرهم وتهديدهم بالفصل التعسفي وإذلالهم .. كل إنسان له كبرياؤه وكرامته ولم أستطع تحمل هذا الكم من الإهانات”.
وختم رسالته التي كتبها قبل انتحاره بالقول “ليتكم حاولتم معاملتنا بلطف وتفهمنا .. لا أريد حضور أي من القيادات جنازتي”.
وجددت هذه الحادثة حسب مراقبين النقاش حول تفشي ظواهر مجتمعية شاذة وخطيرة كالانتحار الذي تتزايد حالاته في تركيا وهي بالمئات سنويا والتي يظهر سجل المقدمين عليها تحدرهم من خلفيات اجتماعية وطبقية متباينة ومن مهن مختلفة تشمل ضباطا ورجال أمن وأطباء ومهندسين وعمالا ما يعني أن الظاهرة باتت عامة تشمل مختلف شرائح وقطاعات المجتمع في تركيا.
وأشار المراقبون إلى أن هذا الأمر يعني أيضا أن الأزمات المتراكمة والمركبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سببها نظام أردوغان باتت متفاقمة لدرجة تدفع العديد من المواطنين الأتراك للانتحار.
العديد من القوى السياسية والبرلمانية والمدنية في تركيا طالبت بفتح تحقيق شفاف ومحايد في هذه الحادثة المثيرة للشبهة وكشف ملابساتها ودوافعها كونها قد تنطوي على حقائق وأبعاد مخفية.
ويقول مصدر تركي طلب عدم ذكر اسمه إن “انتحار ضابط في أمن الرئاسة هو ليس كأي حادثة انتحار أخرى .. فلربما وراء الأكمة ما وراءها إذ قد يكون الضابط لم ينتحر بل تعرض للتصفية الجسدية لأسباب لا نعرفها طبعا لكنها قد تكون مرتبطة بصراعات وتصفيات حسابات فهذه فرضية ينبغي عدم إهمالها واستبعادها” مضيفا.. “ربما كان الرجل قد علم بأشياء معينة بحكم عمله تتعلق بفضائح أو معلومات حساسة”.
ويتابع “وحتى لو كانت الحادثة بالفعل انتحارا فالمصيبة هنا أعظم .. فأن يصل الإنسان لحالة من اليأس والانهيار والشعور بالإهانة والهامشية لدرجة يقدم فيها على إنهاء حياته فهذا مؤشر على مدى فداحة ما تعرض له وقاساه وإذا كان هذا حال التعاطي مع ضباط الحرس الرئاسي فلكم تخيل طريقة تعاطي نظام أردوغان الاحتقارية والاستعلائية مع بقية الناس”.
ويبقى انتحار الضابط مؤشرا على حالة اليأس الذي وصلت اليه قطاعات الشعب التركي حتى الدوائر المقربة من اردوغان نتيجة سياسات القمع والاستبداد ومصادرة الرأي ومن ضمنها اطلاق نظامه حملة اعتقالات وطرد من العمل شملت كل القطاعات العامة وأدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين وطرد أو إيقاف نحو 150 ألفا من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة والقضاء والإعلام وغيرهم عن العمل بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها البلاد جراء هذه السياسات التعسفية.
سانا