الشاعرة خديجة الحسن: للشعر رسالة إنسانية تبقى هي الأسمى

غزلت الشاعرة خديجة الحسن من خيوط الشعر العربي قصائدها الرقيقة، ورسمت لنفسها خطاً شعرياً وأدبياً مختلفاً عن نظيراتها من شاعرات مدينتها في المضمون واللغة والحس المرهف الذي امتزج بالقلق حينا وبالنظرة الفلسفية للحياة حيناً آخر، ما أعطى لأعمالها قيمة جمالية مضافة.

وحول الدوافع التي جعلت منها شاعرة لفتت الحسن في مقابلة مع مراسلة سانا إلى أن إحساسها المرهف للأشياء التي حولها جعل منها منذ الصغر طفلة شاعرة تعبر عن ردة فعلها ونزوحها نحو مواجهة الواقع وما يجول فيه من انتكاسات، فكان النص المفتوح فرصة لاستعادة براءة طفولتها واستدعاء روحها من عالم الماديات والعلو إلى وعي الإبداع وصولاً إلى فهم معنى الحياة.

كما شكل القلق الذي ساورها منذ ذلك الحين الهاجس الأقوى لكتابة الشعر فترجمت مشاعرها إلى رموز لغوية جعلت فيها مساحات آمنة تعصمها من الضعف أمام أمها التي كانت كجبيرة تلفها كلما كسرتها الحياة وحولتها إلى شاعرة مجبولة بالتأمل الداخلي مصنوعة من خيوط الأحلام منسوجة ببتلات الوجدان والخيال والحب والحنان والدموع والإحباط والإرادة معاً.

وتبدي الشاعرة الحسن تأثرها بالشاعر الراحل ابن مدينة حمص عبد الباسط الصوفي الذي تتلاقى قصائده مع قصائدها في تأطير الحب بصفاته الإنسانية وبوحه الوجداني بصوره العفيفة من تضحية ومجازفة لأجل الآخر.

وترى أن القصيدة العربية اليوم تقع بين سندانين، سندان التعصب للعمود الشعري والسندان المهدد له، وهو قصيدة النثر ذات الانتشار الأوسع حالياً رغم افتقادها للقافية والوزن، وتصفها بأنها نص مرن متجدد يحمل موسيقا تتماهى مع حركات الروح الغنائية ويسرح الخيال فيها وينبض الضمير فتعكس ثقافة الشاعر مثلما يعكس الشعر العمودي ثقافة أمتنا العربية التي نفخر بمنجزها الشعري.

ولم تخف الشاعرة قلقها مما وصفته بطوفان الشعراء في وقتنا الحالي عازية إلى رغبة الناس في تحرير أرواحها من ضغوط الحياة، وفك القيود وهو ما يشبه التمرد والفوضى والغرابة غير أنها تستبشر أنه في نهاية المطاف يبقى الأدب الحق والثقافة الحقة هي وليدة تحدي الحرب والحصار والكتابة والعقد.

وحول رسالتها كأديبة وشاعرة لفتت الحسن إلى أن الشعر الذي تصبو إليه هو أن يكشف عن عمق الإنسان ويحمل لرؤياه الروحانية ويوقد مواطن الجمال فيه، داعية إلى إنقاذ الإنسانية من ظلم الإنسان لنفسه.

وتتراءى في قصائد الشاعرة نفحات رثاء وأنات حزن عميقة مكلومة بالحنين لوالديها اللذين افتقدتهما مؤخراً، وكيف لها أن تتحرر من ذكراهما وهما منبعان لثقافتها العميقة ومصدرا عزتها وفخارها.

جدير بالذكر أن للحسن ثلاثة دواوين، هي مرايا الروح، ومامو، ومحاولة لهيكلة الفراغ، وكتابي مطالعات، وقراءة صحفية في نصوص أدبية معاصرة – أدباء من حمص.