الشاعر الدكتور أنيس رزوق يكتب النص النثري، ويعكس من خلاله القضايا الإنسانية المؤثرة بالعواطف والوجدان ويبتعد عن القافية والوزن للتعبير بشكل أوسع عن مكنوناته.
وفي حوار مع سانا قال رزوق: تأثرت بعدد من الشعراء الذين تمكنوا من التعبير عن الشوق والذكريات بطرق مدهشة، من أبرزهم الشاعر نزار قباني، وأبو الطيب المتنبي، إضافة إلى جبران خليل جبران وغيرهم، والذين ساهموا جميعاً في تشكيل إحساسي بالحنين وعززوا شغفي بالتعبير عنه.
ورأى الشاعر رزوق أنه لا يوجد توقيت معين للكتابة فهي حالة إلهام تتأثر في الظروف التي نعيشها والمواقف والتجارب الإنسانية، فحالة الهيام غير معلبة أو مقولبة، تظهر بمكان وتختفي بزمان، فيمكن أن أكتب في المكتب أو في المنزل، وأحياناً أستيقظ من النوم عندما تراودني فكرة معينة بحاجة للتعبير عنها، إلا أن لفترات الصمت والهدوء حيزاً خاصاً في نفسي ففيها أبدأ أستعيد الذكريات وتمنحني فرصة للتفكر واستحضار الماضي والخوض في التفاصيل الصغيرة والملامح التي شكلت حياتي.
وبين رزوق أن الشعر هو أحد أعمق أشكال التعبير الإنساني، فهو لا يعتمد فقط على نقل المشاعر والأفكار بل يتجاوز ذلك إلى ملامسة الجوهر الداخلي للإنسان، فالشعر نافذة الروح يعبر عن تجربة فردية جماعية بصور فنية مكثفة، ويحول المشاعر المعقدة والأفكار العميقة إلى حروف تنبض بالحياة، سواء أكانت تلك المشاعر تتعلق بالحب أو الحزن، أو الفرح أو حتى الغضب.
وقال رزوق: أنا أميل للشعر النثري لتميزه وتحرره من القواعد الصارمة للشعر التقليدي، مثل الوزن والقافية، مما يمنحه مرونة كبيرة في التعبير عن المشاعر والأفكار، وتركيزه على الجمال الداخلي للكلمة والمعنى، وليس على الإيقاع الصوتي أو الموسيقي، وأيضاً الحرية اللغوية الأكثر إبداعاً، مما يسمح للشاعر بمساحة أكبر لتوارد الأفكار للتعبير عن أعمق جوانبه النفسية والفكرية بطريقة مباشرة أو مجازية دون الالتزام بقيود محددة.
وأوضح رزوق أنه على الرغم من غياب الوزن والقافية في الشعر النثري إلا أنه غالباً ما يعتمد على إيقاع داخلي نابع من تناغم الكلمات والصور التي يخلقها، مما يشكل جسراً بين النص والقارئ، ويمنح القصيدة جمالاً موسيقياً خفياً، كما أن القصيدة النثرية تمنح الشاعر حرية استكشاف الأفكار والمشاعر بعمق، ويمكن أن تحمّل فكرة فلسفية أو عاطفية والغوص في مستويات أكثر عمقاً في التفكير والتأمل دون القلق بالالتزام بقواعد الإيقاع التقليدي.
والشعر بحسب رزوق، هو أداة مهمة في الحركات الوطنية والاجتماعية والشخصية، ويمثل جزءاً كبيراً من التراث الثقافي للشعوب، فمن خلاله تتوارث الأجيال القصص والتجارب، وفي كثير من الثقافات يعتبر الشعر وسيلة للحفاظ على التاريخ والهوية الثقافية، فهو يفتح آفاق الخيال من خلال تجاوزه لحدود الواقع وولوج الشاعر والقارئ معاً إلى عوالم خيالية غامضة أو سريالية.
وقال رزوق: إن الحنين يشكل جل ذاكرتي ومعظم حياتي بحكم مسيرتي المهنية خارج سورية، يمنحني شعوراً عميقاً في نفسي يتداخل فيه الألم والحب، والشوق للماضي بكل لحظاته الحلوة والمرة، يعيدني إلى أيام الطفولة والشباب، فأشعر عندما أتحدث عنه بأنه يلامس أعماق القلب ويعبر عن مشاعري الجياشة فأصب معانيه في الكلمات عبر لوحة متعددة الألوان من الذكريات لصور الأماكن والأشخاص الذين تركوا أثراً في حياتي لا يُنسى، كما أنه يُحول شوقي إلى كلمات تعود بي إلى تلك اللحظات التي لا تمحى من ذاكرتي وإن كانت بعيدة.
وأضاف رزوق: إن الحنين يفتح لنا نافذة للتأمل في الزمن، كيف يتغير، وكيف تتغير علاقتنا به، نشتاق لما مضى، لكننا ندرك أن الزمن يتحرك دائماً إلى الأمام، إنه فلسفة للعيش مع التغير والقبول بأن الحياة مزيج من اللحظات الماضية والحالية والمستقبلية، فهي تقوم على فكرة أن الحنين ليس مجرد شوق لشيء مفقود أو لحظة مضت، بل هو رحلة في أعماق الروح لاستكشاف الذات والتواصل مع التجارب التي شكلتنا.
ورأى رزوق أن النقد الأدبي على مر العصور يلعب دوراً مهماً ومحورياً في تطور الشعر والأدب بشكل عام، ويمكن أن يكون للنقد أثر إيجابي كبير، وفي بعض الحالات قد يكون له جوانب سلبية متعددة إذا ما وظف بغير مكانه، فمن الناحية الإيجابية يدفع الشعراء إلى التفكير بطريقة أعمق حول أسلوبهم وأعمالهم، من خلال تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف في القصائد، كما يمكن للنقاد أن يكونوا أداة مساعدة للشعراء في تطوير أساليب جديدة، وتحسين جودة أعمالهم، وتجديد رؤيتهم الشعرية، فالنقد الجيد هو ذلك الذي يوازن بين التحليل العميق والتوجيه البنّاء، ويهدف إلى تحسين جودة الشعر والأدب وتوسيع آفاقه.
يذكر أن الشاعر أنيس رزوق نشر عدة مقالات علمية في مواقع متعددة على شبكة الأنترنت، مثل (استشراف المستقبل، الإبداع، الابتكار، التخطيط الإستراتيجي، اليقظة الاستراتيجية).
من مؤلفاته في الشعر ألوان الحنين وصمت الحنين وديوان قيد الإصدار باسم “بوح الحنين”