الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الراحل حبيب إبراهيم بهلول كتاب تضمن كل ما كتبه الشاعر حتى تاريخ وفاته في مواضيع شعرية مختلفة، تجلت فيها الوطنية والإنسانية والعاطفة النبيلة الصادقة التي تثير مشاعر المتلقي والقارئ، وذلك خلال تعامله وتفاعله مع المجتمع والبيئة في التداعيات والتحولات المختلفة.
ومما تأثر به الشاعر في حياته هو كرامة الشهداء ومكانتهم العلوية التي تشرق وتضيء في كل الأزمنة أكثر من سواها، مستخدماً البحر الخفيف الذي يناسب الموضوع وحرف الراء المطلق كروي للأبيات فيقول:
سوف تبقى رسالة وشعارا
في دروب يصونها الشهداء.
كما يرى الشاعر بهلول أن السلام هو أهمية كبيرة لحياة المجتمعات وضرورة لابد منها ليكون الإنسان آمناً من الخوف والأذى تربطه بالآخر القيم والمحبة ولا يمكن أن يتحقق السلام ما لم يكن هناك تضحيات من أجله، فيقول:
فارس السلم لا يكون سلاما
لم تعززه نخوة وحديد.
ويصف الشاعر في نصوصه شقاء الحياة وكيف كان يعاركها معتمداً على البحر البسيط الذي يتناسق مع الحركة العاطفية وتبدلاتها الشعرية فيقول:
ما همني الدرب أشقى في موافزه
يفنى احتراقا على أمدائه نظري.
ويرتقي الغزل في قصائده إلى العفة والكبرياء والمحبة النقية على شاكلة قصيدة آثام التي جاءت بأسلوب سهل ممتنع فيقول:
بت أرعاك كالنجوم لتأتي
كيف قصرتي في المجيء إليا،
وقوله في قصيدته مرايا الحروف التي جاءت بالأسلوب المدور وجمع فيها بين الأصالة والحداثة فقال:
وأخذت من يدك الكتاب.. ورحت أقرأ في الكتاب
وعلى سطور راح يحترق.. الزمان وراء باب.
وأحياناً يصف الشاعر بتكوين فني شفيف وتصوير عفوي فيقول:
أرقب الأيام حولي تسرع
خيبت ظني فماذا أصنع.
وبرأيه أن محمد الدرة الطفل الذي اغتالته يد الصهيونية الماكرة لم يمت فهو روح متجددة مشرقة كباقي الشهداء العظام فيقول:
لست أرثيك
أنت روح على المدى تتجدد
أنت طفل الحياة والأمل الغد
شعاع مع الصباح تنهد.
وافتتح الشاعر بهلول الجزء الثاني من النصوص الشعرية بقصيدة وطن الذي رآه من خلالها مقدساً وأكثر الأشياء حباً في قلبه وحياته فقال:
وطن الشموس وقفت خلف سياج قدسك موثقا
وطني أحبك لو أبيت مع الضنى أو اعتقا
ودعوت روحي للشهادة كي يظل لك البقا.
وتبقى عاطفة الانتماء في حياة الشاعر هي الأكثر حضوراً في شعره كما جاء في قصيدته قريتي التي قال فيها:
أخفت على زند الربا مثخنة ..كوردة جريحة موهنة.
ولم تختلف القصائد بمستواها الرفيع متباينة في المعنى ومتساوية في المستوى ومنظمة ببنائها الفني فقصيدة رجاء وولاء وغزة النار وصبح ورثاء عمي وباقي القصائد.
وجاء الملحق في الجزء الثاني الذي تضمن رثاء عدد من الشعراء لحبيب بهلول بعد وفاته ومنها الشاعر تمام الخطيب ومناة الخير وعماد جنيدي وأوس مرهج ورفيق صقور ومالك رفاعي وعبد الكريم شعبان ومحمد كامل الحسن وعبد اللطيف الخطيب وأحمد أسعد ومحسن حيدر.
وعنه قال معد الكتاب الأديب المترجم صفوان حبيب بهلول: إن هذا التراث الشعري يربو على نحو أربعة عشر ديواناً وأكثر من 350 قصيدة كتبها الشاعر في مناسبات وقضايا مختلفة، وعبر فيها عن فيض من أحاسيس ووجدان ومشاعره النبيلة كما ظهرت فيها شخصيته وثقافته المتنوعة فكراً وسياسة وتاريخاً بالمستوى الفني الرفيع الذي يصب في جنة اللغة العربية وفي وجدان الإنسانية جمعاء.
وعنه قال الشاعر حامد حسن في شعره إتقان فن العلاقات بين الألفاظ يصل بها إلى التحريض ويرفع طاقتها الشعورية حتى التوتر فتنفجر هذه الطاقة عن صور جديدة لامحة أو إيمائية أو مكتنزة، وهنا نصل بالمتلقي إلى درجة التخلي عن إرادته ونزاحمه على مشاعره الخاصة ويستسلم لإرادة الشاعر وينساق مع مشاعره.