55 عاماً على جريمة إحراق الأقصى.. المخاطر تتصاعد

يوم الـ21 من آب عام 1969 اقتحم الإرهابي الصهيوني دنيس مايكل روهان المسجد الأقصى من جهة باب الغوانمة بتنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأضرم النار في المصلى القبلي مسبباً حريقاً ضخماً التهم أثاثه وجدرانه وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وجميع محتوياته من المصاحف والأثاث في واحدة من محاولات الاحتلال التي لم تتوقف لتدمير أحد أهم المعالم الدينية والتاريخية والتي تؤكد عمق وتجذر الوجود العربي الإسلامي في مدينة القدس المحتلة والأراضي الفلسطينية.النيران التي ظلت مشتعلة منذ نحو السابعة صباحاً حتى العصر أتت على 1500 متر مربع من المصلى القبلي ما يمثل أكثر من ثلث مساحته البالغة 4400 متر مربع وعلى منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين وأحدثت ضرراً هائلاً بالمسجد وبثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة كما سقط جزء من سقف المسجد وأعمدة حجرية و74 نافذة خشبية وزجاج ملون ما تطلب سنوات لإعادة ترميمه وزخرفته كما كان.بينما قطع الاحتلال الماء عن المصلى القبلي ومحيطه ومنع فرق الإطفاء من الوصول إليه لضمان انتشار واسع للحريق هب الفلسطينيون من القدس وكل مدن الضفة الغربية إلى إخماد النيران بملابسهم وبالتراب والمياه الموجودة في آبار الأقصى.الجريمة لاقت رفضاً عربياً ودولياً واسعاً ولكن الاحتلال الذي وفر الحماية للإرهابي “روهان” لتنفيذها كعادته تهرب من المسؤولية عنها بادعائه أنه مختل عقلياً وقام بترحيله إلى أستراليا دون أي محاسبة على ما اقترفت يداه ورفض فتح تحقيق في حيثيات جريمته.وفي الخامس عشر من أيلول عام 1969 اجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر قراره رقم 271 بأغلبية 11 صوتاً وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة والذي أدان “إسرائيل” وحملها مسؤولية الحريق باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال ودعاها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس.إحراق الأقصى ما كان إلا جزءاً من مخطط متكامل يواصل الاحتلال تنفيذه للاستيلاء على المسجد وما يحيط به من أبنية وأسوار تاريخية وتهويدها من خلال تقييد وصول الفلسطينيين إليه وتصعيد اقتحامات المستوطنين والحفريات والأنفاق أسفله والتي باتت تهدد أساساته فضلاً عن تفريغ المنطقة المحيطة به من الوجود الفلسطيني عبر هدم المنازل والاستيلاء على العقارات وإقامة البؤر الاستيطانية لإحكام الحصار عليه.

وتصاعدت اعتداءات الاحتلال على المسجد خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي، حيث تنتشر قواته بالمئات على أبواب المسجد وفي البلدة القديمة من القدس لتأمين اقتحامات المستوطنين فيما تفرض قيوداً مشدداً على دخول الفلسطينيين إليه وتسمح لأعداد قليلة فقط بذلك ومعظمهم ممن تجاوز الـ 50 عاماً فضلاً عن إبعادها العشرات من المرابطين بالمسجد عنه وعن مدينة القدس.وفي الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال انتهاك قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو” التي تؤكد ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس مدعوماً بالحماية التي توفرها له واشنطن من أي مساءلة أو محاسبة يؤكد الفلسطينيون باستمرار أنهم لن يسمحوا بتمرير أي من مخططات الاحتلال الإجرامية تجاه القدس والمسجد الأقصى وأن مسيرة التصدي لإجراءات الاحتلال واعتداءاته ستتواصل حتى تحرير الأرض والمقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

سانا