يونس خلف
ربما ثمة إجماع من حيث المبدأ على أن عودة العلاقات بين سورية وتركيا تسهم في تحقيق الأمن والسلام للمنطقة عموماً ، لكن بالنظر إلى المصالح السورية التركية هناك نتائج ايجابية بالتأكيد سواء لجهة العلاقات الاقتصادية التي ستؤدي إلى تقليل تأثير العقوبات الغربية أو تفعيل السياحة بين البلدين و انسياب السلع إلى سوقي البلدين من دون عوائق و زيادة التدفقات الاستثمارية بين البلدين إضافة إلى وجود استثمارات سورية كبيرة في تركيا هربت معظمها إلى هناك بسبب الحرب . لكن هل يكفي ذلك وحده ..؟ لعل كل من تابع خطاب الرئيس بشار الأسد في مجلس الشعب أصبح الأمر أكثر وضوحاً لمن يخلط بين المبادئ والمصالح .الناس في المبادئ والمصالح على مناهج مختلفة وطرق متباينة منهم من يضحي بالمبادئ لتحقيق المصالح ومنهم من يجمع بين التمسك بالمبادئ والسعي لتحقيق المصالح لأن المبادئ الصحيحة لا تتعارض مع المصالح الصحيحة . في خطاب الرئيس بشار الأسد توصيف دقيق وجواب واضح للتساؤلات المطروحة عن أسباب تعثر أو تأخر التقارب السوري التركي ، والجواب الكافي والشافي للجميع يبدأ بالتأكيد على إن استعادة العلاقات الطبيعية كنتيجة للانسحاب والقضاء على الإرهاب هي مصلحة مشتركة لأي شعبين جارين، لكن لا يمكن الحصول على نتيجة دون التعامل مع السبب، فنحن لم نغير سياساتنا لا سابقاً للحرب ولا لاحقاً لها، بالعكس تماماً كنا دائماً حريصين على أن نفصل خلال ثلاثة عشر عاماً ونيف من هذه الحرب، بين توجهات الشعب التركي كونه شعباً جاراً وبين سياسات ونيات المسؤولين الأتراك، هذا يعني أننا لا يمكن أن نكون نحن السبب فيما تغير لأننا لم نغير شيئاً بالنسبة لتوجهاتنا ونياتنا وسياساتنا، وبالوقت نفسه لم نرسل قوات لكي تحتل أراضي في بلد جار لكي ننسحب اليوم، ولم ندعم الإرهاب لكي يقوم بقتل شعب جار، وكنا نعتبره شقيقاً لكي نتوقف عن هذا الدعم اليوم أيضا، وأول الحل هو المصارحة لا المجاملة تحت عنوان المصالحة، أول الحل هو تحديد موقع الخطأ لا المكابرة، إذ كيف يمكن معالجة مشكلة لا نرى أسبابها الحقيقية، والرغبة الصادقة في استعادة العلاقات الطبيعية تتطلب أولاً إزالة أسباب تدمير هذه العلاقة، وهذا يتطلب التراجع عن السياسات التي أدت إلى الوضع الراهن، وهي ليست شروطاً، وإنما هي متطلبات من أجل نجاح العملية، وهذه المتطلبات تحمل في داخلها الكثير من العناصر الهامة، ولكن في مقدمتها حقوق الدول، ونحن كبلد لن نتنازل عن أي حق من حقوقنا في أي ظرف من الظروف، لن نتخلى عن حقوقنا ولن نطالب الآخرين بالتخلي عن حقوقهم، فهذا منطق واحد . هذا ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد وهذا هو واقع المبادئ في السياسة السورية على حقيقتها .. وليتهم يفهمون ذلك ولا يتأخرون .