أ.د: حيان احمد سلمان.
حظي تفعيل عمل القطاع العام الاقتصادي الإنتاجي بأهمية خاصة في كلمة السيد الرئيس (بشار الأسد)
خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي بتاريخ 4/5/2024، ووجه سيادته بضرورة الإجابة على سؤال مركزي وهو ماذا نريد من القطاع العام الاقتصادي الذي أدى دورا هاما في تاريخ سورية ؟ وكيف نحقق التوازن بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، فترجيح الاقتصادي يحولنا إلى حزب رأسمالي وترجيح الاجتماعي نصبح دولة مفلسة ، وما هي حدود التوظيف وكيف نواجه الفساد ..الخ، وقد تباينت أراء
الاقتصاديين بين مؤيد لهذا القطاع وبين من يدعو لبيعه وخصخصته، والبعض أكد انه يمكن إصلاحه ونقله من حالة ( العطالة إلى الربح والربحية)أي زيادة (الإيرادات الكلية على النفقات الإجمالية) ويحقق الهدفين الاجتماعي والاقتصادي ،وهذا يتطلب العمل بعقلية اقتصادية تعتمد على حكومة تنموية لا وصائية لأن هذا القطاع يمثل سياسة الحكومة الاقتصادية الداخلية،ونجاحه
يكون بتعزيز تنافسيته في السوقين الداخلية والخارجية لتحقيق المعادلة الاقتصادية المثلى(السلعة الأفضل بالسعر الأقل)، بناء على ربط الخطط الإنتاجية بالتسويقية وزيادة الإنتاجية والمردودية للنفقة الواحدة، انطلاقا من تحسين كفاءته الربحية فعندما يحقق ربحا يمكن أن يتوسع افقيا ويتكامل عموديا ،أما الخسارة فهي تنهيه لأنها بالنسبة للمنشأة مثل مرض السرطان للإنسان، والقطاع الحكومي الاقتصادي السوري يمتلك كل مقومات نجاحه إذا اعتمد الاستغلال الأمثل لعوامل الإنتاج المستخدمة من (إدارة ماهرة و يد عاملة خبيرة ومواد أولية وتقنية مناسبتين ) ويتم البدء بتحليل وتوصيف واقعه وتحليل التكلفة لأن أي علاقة اقتصادية تؤول في مآلها الأخير إلى
العلاقة النقدية أي رابح وخاسر، وتحليل التكلفة يتم اعتمادا على مكوناتها من ( ثابتة ومتغيرة وهامشية حدية ..الخ ) وهذا يؤمن الوصول إلى حل لمواجهة ما ندعوه ( نقطة الاغلاق وهي النسبة الكائنة بين إجمالي الكلفة
المتغيرة والإيرادات الكلية )، وهذا المؤشر يحدد لنا التكاليف الإضافية المعرقلة
للإنتاج والتسويق والمؤدية لتراكم المخازين والتي بلغت في إحدى المؤسسات بحدود /600/ مليار ليرة سورية لسنة /2024/ ،ومعروف
أن المخزون هو رأس مال مجمد ويتعرض لمخاطر البطلان والعطب والتلف والسرقة وهو مولّد لتكاليف إضافية من حراسة وكهرباء وفوائد رأسمالية وغيرها ، وهنا نسأل لماذا لا نعيد النظر في الكثير من التكاليف مثل أقساط الاهتلاك السنوية للأصول المهتلكة ماديا ومعنويا وبإشراف مباشر من قبل مجلس الإدارة المتخصص، ولماذا لايتم ربط الحوافز بالإنتاج بدون سقف والمحافظة على الكوادر ذات الخبرة الكبيرة وعدم الاستغناء عنها في سن /60/ والتي انتقلت للعمل خارج هذا القطاع الذي تحول وكأنه ( ورشة تدريب ) تتدرب به الكوادر ثم
تغادره تحت ضغط ضعف الرواتب والأجور والحوافز ، وأن تركز مجالس الإدارة على سلسلة القيم المضافة و تحليل مشاكله ( الإدارية والمالية والفنية والتسويقية والتخطيطية والرقابية ) وغيرها وتحولت كل منها مع تركها للزمن إلى سبب ونتيجة لغيرها في وقت واحد، وهذا هو سبب فشل كل المحاولات السابقة لإصلاحه وهي بالعشرات ، نحن إذا بحاجة إلى عمليات و تحليل دقيق يشبه( العمليات الجراحية الدقيقة ) لأن مشاكل قطاع النسيج غير مشاكل المؤسسات الكيميائية ومشاكل الصناعة غير الزراعة…الخ ،ونقطة الانطلاق حتى للشركات الخاسرة او المخسرة هو العمل بمبدأ تحقيق ( أكبر ربح ممكن أو أقل
خسارة )، وللتخلص من المخازين المتراكمة نقترح ببيعها اليوم قبل الغد وبأسعار
مجردة من كل أنواع التكاليف الغير ضرورية ، ونصدر ما يتاح على مبدأ ( المحتوى
الدولاري ) الذي اعتمدناه سابقا ، والبداية تكون من إعادة النظر بمجالس الإدارة والهرم الإداري ووضع رؤى تربط بين السبب والنتيجة واعتماد مؤشر الأرباح المحققة وليست المتولدة، وهنا يمكن الاستفادة من التجربة الصينية والتي تشهد الآن نقاشا حادا بين الاقتصاديين الصينيين والذين توزعوا إلى خمس فئات
وهي [فئة تتبنى ضرورة الانتقال إلى اشتراكية ذات خصائص
صينية جديدة، والثانية تدعو إلى المزاوجة بين اقتصاد الصين الاشتراكي والرأسمالي، والثالثة تركز على التأقلم مع المتغيرات الداخلية والخارجية وتحقيق
العدالة الاجتماعية، والرابعة تؤكد انه يجب الانتقال من الاشتراكية الديمقراطية إلى الاشتراكية الإصلاحية ، والخامسة تؤكد ضرورة المحافظة على الثورة الديموقراطية لترسيخ النهج الاشتراكي الصيني مع التعديل الدائم له
بما يتناسب مع متغيرات العصر ] ، ولكن الجميع اتفقوا على ان قوتهم من
قوة الصين بقطاعها الحكومي والخاص والمشترك وتحت الخيمة الوطنية.
دمشق 10/5/2024