الباحث بوبس: معروف الأرناؤوط رائد من رواد الصحافة والأدب في سورية

دخل الأديب معروف الأرناؤوط وعي الناس وفكرهم من خلال مقالاته السياسية والفكرية بفضل آرائه والشكل الفني الذي سار عليه ولغته الخاصة وعنايته الفريدة بتطوير ما سمي موسيقية الكلمة، حيث اعتبر رائداً من رواد الصحافة والأدب في سورية.

والأرناؤوط أديب رسخ في أدبه وكتاباته الصحفية مفهوم العروبة والقومية العربية، حيث كان محور محاضرة الباحث أحمد بوبس والتي جاءت بعنوان “معروف الأرناؤوط بين لغتين”، واستضافها مجمع اللغة العربية بدمشق، حيث أوضح أنه أغنى المكتبة السورية والعربية بمؤلفات في مجالي الصحافة والأدب.

نشأته الثقافية والأدبية..

وقبل أن يخوض بوبس في جهود معروف الأرناؤوط سلط الضوء على نشأته وتكوينه الثقافي والأدبي، فهو من مواليد بيروت عام 1892، وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب بيروت، وخلال دراسته أكب على قراءة كتب اللغة العربية والأدب وكتب التاريخ وبشكل خاص التاريخ العربي حتى غدا موسوعة في الجانبين “اللغة والتاريخ”، إضافة إلى دراسته اللغة الفرنسية حتى أجادها فكأنه واحد من أبناء جلدتها كما كان يتقن اللغة التركية، الأمر الذي أهله لخوض غمار الكتابة في منحيي الصحافة والأدب.

في الصحافة..

ولفت الباحث بوبس إلى أن معروف الأرناؤوط بدأ أولى كتاباته الصحفية في عدد من الصحف البيروتية إلى أن أصدر جريدة “الاستقلال العربي” عام 1918 وتولى رئاسة تحريرها، فصدرت بصفحتين من القطع المتوسط ثم بأربع صفحات، وحملت شعار (جريدة من العرب إلى العرب)، وما لبث أن تركها ليأسس عام 1919 مجلة “العلَم العربي” وخصصها للأدب والشعر لكن لم يصدر منها إلا عدد وحيد ثم توقفت، ليقوم بإصدار صحيفة خاصة به حملت اسم “فتى العرب” واستمرت بالصدور حتى وفاته عام 1948.

وبين بوبس أن “فتى العرب” كانت من أشهر صحف دمشق لرصانة مواضيعها واهتمامها بالشؤون الأدبية والفكرية إضافة إلى أسلوب معروف الأرناؤوط السلس والمشوق في الكتابة، فكان إذا كتب افتتاحية الجريدة تأتي قطعة أدبية رائعة الديباجة كاشفاً فيها عن نزوعه السياسي إِلى نهضة عربية قومية ساهمت في تشكيل الوعي الوطني والقومي عند الناس، إضافة إلى حرصه على تخصيص قسم من جريدته للدراسات الأدبية والبحوث التاريخية والترجمات الشعرية.

في الأدب..

وكانت بدايات معروف الأرناؤوط مع الأدب بحسب الباحث بوبس من خلال ترجمته للأعمال الأدبية العالمية الروائية والمسرحية عن اللغة الفرنسية منها روايات “عذاب الضمير” لجاك دارسي و(تقريع ضمير الملوك) لأدولف دانري و(الأبنة الملعونة) لإميل ريشبورغ إضافة إلى ترجمته لعدد من المسرحيات كـ “الستار الأسود” لتيوفيل غوتيه و”ديانا” لأدولف دانري و”الطفلان الشريدان” لبيير دي كورسل و”عواطف الإخاء” و”الصقلي الشريف” وكلتاهما لألفرد دي موسيه.

المسرح أولاً..

على الرغم من أن شهرة معروف الأرناؤوط تحققت في الروايات التي كتبها إلا أن بوبس أشار إلى أن بداياته كانت في المسرحية ترجمة وتأليفاً بهدف الدخول في عالم التمثيل، فكتب العديد من المسرحيات ولكن المسرحية الأهم التي كتبها هي”جمال باشا السفاح” التي تحولت إلى عرض مسرحي من إخراج الفنان عبد الوهاب أبو السعود الذي قام بدور جمال باشا السفاح الذي تحدث عن جرائمه، وخاصة إعدامه شهداء السادس من أيار ومن ثم انهزامه ودخول الأمير فيصل إلى دمشق.

الرواية عند معروف الأرناؤوط..

وأوضح بوبس أنه بعد كتابة مسرحية (أبو عبد الله الصغير) استهوت الرواية وبشكل خاص التاريخية منها معروف الأرناؤوط، فهجر الكتابة المسرحية وتوجه الى الرواية لأنه وجدها أكثر رواجاً وقبولاً بين الجمهور وأقل قيوداً من الكتابة المسرحية فكتب روايته “سيد قريش” عام 1929 التي حققت له شهرة واسعة ونالت إعجاب النقاد ومنهم العلامة محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية) الذي كتب عنها في مجلة المجمع وحاز بسببها عضويته وغيرها الكثير.

مخطوطات مفقودة..

خلف معروف الأرناؤوط بعد رحيله عدداً من المخطوطات التي لم تُطبع، بعضها لم يكتمل، لكنها فُقدت جميعها، وهي رواية القاهرة التي بدأ بكتابتها عام 1943 لكنه رحل قبل أن يتمها إضافة إلى مذكرات التي حملت عنوان “حياتي” ومخطوط نصارى العرب في الشام والعراق” وتاريخ الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر.

الأرناؤوط والشعر..

لم يعرف عن معروف الأرناؤوط أنه نظم الشعر إلا مرة وحيدة حين نظم قصيدة وألقاها وهو في السادسة عشرة من عمره في حفل تكريم الشاعر العراقي معروف الرصافي بمناسبة زيارته إلى بيروت إلا أنه ترجم عدداً من القصائد لشعراء رنسيين وأعاد نظمها شعراً.