روايات مفجعة من الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها في قطاع غزة بحق عائلات فلسطينية بأكملها تحولت أجسادهم إلى أشلاء.. منهم من تبخر جسده ولم يتم العثور عليه بفعل الصواريخ المصنعة أمريكياً.. ومنهم لا يزال مفقوداً تحت ركام المنازل المدمرة والذين تقدر إحصائيات لوزارة الصحة الفلسطينية عددهم بنحو ثمانية آلاف مفقود.
الطفلة مريم أبو خوصة 10 أعوام كانت جالسة في فناء مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” هي وأسرتها في مخيم البريج وسط القطاع للاحتماء من قصف الاحتلال إلا أن المدرسة لم تحمها.. وأُصيبت بشظية في رأسها واستشهدت على الفور.. وسالت دماؤها البريئة في باحة المدرسة.. هكذا يصف إبراهيم العواودة ما حدث مع ابنة شقيقته التي قتلها الاحتلال مساء أمس بدم بارد.
ويقول العواودة لمراسل سانا: مريم قبل استشهادها ذهبت إلى منزلها المدمر في المخيم لتبحث بين الأنقاض عن كتبها المدرسية وألعابها… ولكن وجدتها احترقت… واليوم تستكمل تلك الصواريخ جريمتها بعد أن قتلتها سابقاً بالخوف والتدمير والتهجير في فصول مجزرة لا زالت مستمرة بحق الطفولة الفلسطينية.
ولمراسل سانا تجربة عاشها مع الطفلة الشهيدة مريم داخل مركز إيواء في مخيم النصيرات وسط القطاع.. حيث روت له أحلامها قبل استشهادها بشهرين وقالت آنذاك: “حلمي أن يعيد والدي بناء منزلنا الذي دمره الاحتلال في مخيم البريج، وأن أعود إلى مدرستي لأستكمل دراستي وأصبح طبيبة… أخاف من القصف ودوي الانفجارات والصواريخ”.
أما والدتها إسراء العواودة فكانت منهارة بعد فقدان فلذة كبدها.. تصرخ وتقول: “ماذا فعلت لتقتلها شظايا الصواريخ الإسرائيلية… كنتُ حريصة عليها خلال فترة العدوان وأحتضنها ساعة القصف إلى أن طالتها الصواريخ الغادرة واختطفتها من بين أحضاني.. لن أرى طفلتي الوحيدة بعد اليوم.. ولن تلبس ملابسها المدرسية كما اعتادت قبل العدوان.. ولن أراها في هذا العيد”.
أكثر من 70 في المئة نسبة الأطفال والنساء من الشعب الفلسطيني ضحايا جرائم الإبادة الجماعية خلال 174 يوماً حسبما يؤكده الباحث الحقوقي حسين حماد، لافتاً إلى أن استمرار الاحتلال في ارتكاب هذه الجرائم المروعة هو نتيجة لسياسة الإفلات من العقاب التي يحظى بها بسبب الحصانة التي توفرها له الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية ومع غياب آليات تنفيذية تلزمه بقواعد القانون الدولي الإنساني.
وطالب الباحث الحقوقي المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لإجبار الاحتلال على الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية بحق 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، عبر سياسة القتل الجماعي وإيقاع الأذى الجسدي والنفسي البليغ، والتدمير الشامل للمنازل والبنى التحتية ومقومات الحياة، والعقاب الجماعي المتمثل بالتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج ودفعهم نحو التهجير القسري والنزوح بعيداً عن أماكن سكنهم في ظروف تفتقر لأبسط حقوق الإنسان ومن ثم قصفهم في مكان نزوحهم وقتلهم.
وناشد حماد الأطراف السامية المتعاقدة على الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف لإجبار “إسرائيل” بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، على الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة، بما فيها وضع آليات مناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية بما يضمن حماية المدنيين والحفاظ على كرامتهم، والضغط من أجل توفير المزيد من الممرات الإنسانية لتسهيل عمل المؤسسات الإنسانية الدولية في إيصال الكميات المطلوبة من الأغذية والأدوية للسكان وخاصة في شمال قطاع غزة.