قال السيد الرئيس بشار الأسد إنه عندما تتمسك بمصالحك الوطنية وبمبادئك فربما تدفع ثمناً وتتألم، وربما تخسر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد سوف تربح الوحدة الوطنية ولاحقاً لا بد أن تتغير الأحوال وتربح كل شيء تطمح إليه في وطنك.
وشدد الرئيس الأسد في مقابلة مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف على أن “إسرائيل” محتلة ومعتدية، تقتل الفلسطينيين لأنهم يدافعون عن أنفسهم وهذا هو مختصر ما يجري، ولا نستطيع أن نتحدث عما حصل في الـ 7 من تشرين الأول دون الحديث عما حصل في عام 1930 وما بعده حتى اليوم لأنه حالة واحدة.
وأكد الرئيس الأسد أن المنظومة السياسية لدى الغرب هي منظومة بيع وشراء وليست منظومة مصالح مشتركة، مبيناً أن الحصار الغربي على الدول الأخرى يقوض ويضعف الدولار ويحقق مصالحها على المدى البعيد.
وأوضح الرئيس الأسد أن روسيا دولة يتوقف مصير العالم عليها، والقرارات التي أخذها الرئيس فلاديمير بوتين هي التي تعيدها إلى الساحة الدولية، وتعيد التوازن الدولي إلى هذه الساحة.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة ..
الصحفي:
نهاركم سعيد سيادة الرئيس.
إنه لمن دواعي فخري أن أكون الآن في دمشق على هذه الأرض العظيمة وفي هذا البلد العظيم الذي اختار مصيره بحرية، في منطقة تبدو أنها على أعتاب حرب قد تصل إلى نهاية نووية، ولكننا نعرف أيضاً أن الدول التي تستطيع استخدام السلاح النووي هي أمريكا و”إسرائيل”، وأن إيران من الدول التي يمكن أن تستهدف في هكذا هجوم بالدرجة الأولى.
السؤال الأول:
في السابع من تشرين الأول، نتيجة لهجوم قُتل فيه عدد من الإسرائيليين، ورداً على هذا الهجوم، بدأت “إسرائيل” بعملية عسكرية غير مسبوقة، هل من الممكن تبرير ما يحصل الآن في قطاع غزة بأنه نتيجة لما حدث في السابع من تشرين الأول؟ وأين هي حدود استخدام القوة؟ وما هي المبادئ التي يجب أن تتحكم بالدول عندما تدافع عن شعوبها ضد أي هجوم عليها؟
السيد الرئيس:
المبادئ الأخلاقية معروفة، والمبادئ القانونية أيضاً معروفة وهي واحدة، يحق لك أن تستخدم القوة العسكرية للدفاع عن نفسك من عدو هاجم أراضيك أو سيهاجم أراضيك، أو يسعى بشكل أو بآخر لتحطيم وطنك ومصالحك بشكل من الأشكال ليس بالضرورة بالطريقة العسكرية المباشرة.
إذا تحدثنا عن حالة غزة فالفلسطيني أولاً ليس دولة تعتدي على دولة من الناحية القانونية، وليس شعباً آخر يأتي ليحتل دولة أو أراضي شعب آخر في دولة مجاورة، هو صاحب هذه الأرض، وهو الذي احتُلت أرضه، وهو الذي يُقتل منذ نحو ثمانين عاماً تقريباً، فلا نستطيع أن نتحدث عن الوضع اليوم من دون أن نتحدث عن المشكلة عموماً، لا نستطيع أن نتحدث عن غزة وحدها، فهي جزء من الموضوع الفلسطيني، والموضوع الفلسطيني هو موضوع واحد، “إسرائيل” محتلة.. “إسرائيل” معتدية، تقتل الفلسطينيين لأنهم يدافعون عن أنفسهم، هذا هو بالمختصر، فلا يوجد أدنى مبرر لا سابقاً ولا حالياً لاستخدام “إسرائيل” القوة ضد الفلسطينيين، بخلاف الواقع الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه، فهو يستطيع أن يستخدم القوة لكي يحمي أرواح أبنائه، بالرغم من أنه ليس دولة، هم مجموعات من المدنيين لديهم سلاح كمقاومة، ولكن لا يوجد لديهم لا دولة ولا جيش، فلا يمكن المقارنة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في هذه الحالة.
مداخلة:
ولكن ومع كل ذلك، فإنّ الهجوم قد حدث، ومشاهد مقتل الأطفال والنساء موجودة، ولكن هل هذا الشيء يعتبر مسوغاً لهم لقتل الأطفال والنساء الفلسطينيين؟ هل يجب أن يسمح رئيس الدولة لنفسه بأن يقول: إن كل الشعب هناك مذنب، ولا أحد مستثنى.
السيد الرئيس:
لدينا لوحة فنية في هذه القاعة، لو أردنا أن ننظر إليها وتسألني ما هو رأيي بهذه الصورة، لا تستطيع أن تسألني وتقول لي كيف ترى الجزء العلوي من اللوحة، تستطيع أن تسألني عن اللوحة كاملة، فلا نستطيع أن نتحدث عن حدث بشكل منفصل، لأنه في هذه الحالة سيكون كلامنا غير موضوعي، هي شيء من كل، فالحديث عن جزء ليس له معنى، سواء ذهب باتجاه إيجابي أو باتجاه سلبي، لذلك لا نستطيع أن نتحدث عن غزة من دون أن نتحدث عن الموضوع الفلسطيني، لا نستطيع أن نتحدث عن حماس في غزة من دون أن نتحدث عن الشعب في غزة والشعب في فلسطين، لا نستطيع أن نتحدث عما حصل في 7 تشرين الأول من دون أن نتحدث عما حصل في عام 1930 وما بعده حتى اليوم لأنه حالة واحدة، سيأتي أي شخص من “إسرائيل” ويقول لك: لكن أنت تتحدث عن التاريخ، وهل ينفصل التاريخ عن الماضي؟ هل تستطيع أن تفصل الحرب في أوكرانيا عن التاريخ؟ هل تستطيع أن تفصل محاولات تطويق بلدك روسيا من الجنوب دون أن تعود للتاريخ؟ هل هو منفصل عن التاريخ؟ كل شيء يحصل في الحاضر، هو نتيجة للتاريخ. فالحالة واحدة.
السؤال الثاني:
أستميحكم عذراً عن السؤال الآتي ولكنني مجبر على طرحه.. أحد المعلقين العرب قال: الروس وعددهم 150 مليون نسمة فقط لم يتخوفوا من الاصطدام مع الناتو من أجل حماية أرواح المواطنين الروس في أوكرانيا، أما نحن المسلمين فعددنا مليارات ولا نستطيع حماية إخوتنا التعساء في غزة.. هناك تصريحات بلا جدوى فقط من تركيا وعدد من الدول العربية، فقط تصريحات، حتى لم يكن هناك رد بحصار اقتصادي مثلاً، ولم تُتخذ أي خطوات للرد، فقط أنصار الله يحاولون التأثير ولكن لماذا تصمت الدول؟ ولماذا لا تتخذ الدول العربية خطوات مُنصفة وضرورية لوقف إراقة الدماء والذبح في غزة؟
السيد الرئيس:
هذه التقاليد العربية في السياسة على الأقل خلال أربعين عاماً، قبل ذلك يكون الزمن أصبح بعيداً، لكن في أربعين عاماً نصدر بيانات فقط. هناك أسباب كثيرة لها تتعلق بالوضع العربي. الوضع العربي هو وضع سيئ لا نستطيع أن نتحدث عنه كأنه وضع متماسك، لا، كل دولة عربية تعمل وحدها، الدور الغربي في قرارات الدول العربية قوي، هو دور موجود، وعليه الضغط الغربي لصالح “إسرائيل” موجود في القرارات العربية، هذه أيضاً حقيقة، كل الشعوب العربية تعرفها، أنا لا أقول لك سراً في هذه الحالة.. فإذاً لا نستطيع ونحن نقف مع الفلسطينيين أن نأمل كثيراً من الوضع العربي، ولو سألت هذا السؤال لأي فلسطيني في غزة الآن فسيعطيك الجواب نفسه.. لماذا ذهب أهل غزة باتجاه الحرب؟ لأنهم يعرفون بأنه لا توجد دولة عربية أو غير عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة ستدافع عنهم، فكان لا بد من أن يدافعوا عن أنفسهم بأيديهم، فسؤالك هو فيه الجواب، الجواب موجود في السؤال وواضح.
السؤال الثالث:
الغرب يكذب دائماً، ونحن نرى ما يحدث الآن في أوكرانيا أنه حرب مقدسة، فالشر كلُّه يقف ضدنا هناك، والشر هو كل ما يعارض ثقافتنا وديننا، وفي هذا السياق، في عام 2017 اتهمكم الغرب الكاذب باستعمال الأسلحة الكيمياوية، وعندما بدأت العملية العسكرية الروسية الخاصة حاول الغرب أن يخرق المفاوضات في إسطنبول واتهم روسيا بجرائم مخيفة في بوتشا، شعبنا لا يصدق هذا، وكذلك الشعب السوري لا يصدق أكاذيب الغرب، ويخرج ليدعمكم، وكذلك شعبنا يدعم قائدنا العام.. فكيف نستطيع مقاومة الكذب الذي يأتي من كل مكان؟ وكيف نستطيع أن نحافظ على شعورنا الداخلي بالحقيقة والعدالة؟
السيد الرئيس:
هذا موضوع اجتماعي بالدرجة الأولى، قبل أن يكون موضوعاً سياسياً. هذا يعتمد أولاً على مستوى الوعي الموجود في أي وطن من الأوطان. لنأخذ مثالاً في الغرب، الشعب في الغرب هو ليس شعباً سيئاً، ولكن وسائل الإعلام متحالفة مع السياسيين لكي يجعلوا هذا الشعب جاهلاً، لذلك يمكن أن يقولوا له أي شيء لكي يصدق أي شيء، في مناطقنا الأمور مختلفة، أولاً ، نشر الحقيقة مهم جداً ،ثانياً،الشفافية في طرح المواضيع من السياسيين والحكومات والعلاقة المباشرة بين الحكومات والشعوب بالنسبة لأي قضية من القضايا، ومشاركة الشعوب في حل المشاكل التي تواجه أي وطن. هذا يجعل الحالة الوطنية قوية. بالإضافة إلى معرفة التاريخ، تعلُّم دروس التاريخ، أنتم لديكم تاريخ عمره ثلاثة قرون من الصراع مع الغرب، دون أي سبب؟، فقط أنه ممنوع على روسيا أن تكون دولة قوية، الغرب يريد أن يكون هو فقط قوياً، غير مسموح للروسي أن يكون قوياً، منذ أيام بطرس الأكبر هذا الكلام، من السهل الآن على الأجيال الصاعدة أن يقولوا هذا تاريخ لا يعنينا، لا يهمنا ما الذي حصل في الماضي أيام الدولة السوفييتية، أو أيام الأباطرة وما قبل، حتى وصولنا إلى بطرس الأكبر، عندما ينسى الجيل الجديد هذا التاريخ فسوف ينسى أن بلده مستهدف، وسيعيش في حالة راحة، وفجأة سيتمكن الغرب من الوصول إلى القضاء عليه، والقضاء عليه قد يكون من خلال الليبرالية الحديثة على سبيل المثال، والرئيس بوتين تحدث فيها أكثر من مرة، الليبرالية الحديثة ليست فقط قضية أخلاقية، هي أبعد من ذلك، هي تستهدف تفكيك بنية المجتمع، فإذا كانت العائلة في روسيا سليمة، فسيكون كل الوطن سليماً، ولكن إذا فككنا هذه العائلة فمن الصعب أن يبقى الوطن سليماً. إذاً، لماذا نذهب إلى الحرب، لماذا نتصارع في مجلس الأمن؟ نستطيع أن نفكك روسيا من الداخل، حصل هذا لديكم في التسعينيات، عندما اعتقد البعض أن مشكلة روسيا سببها الاشتراكية، أو الشيوعية. لا، المشكلة كان الأداء خاطئاً، الاشتراكية والشيوعية موجودة في الصين، والصين وضعها جيد كبلد. المشكلة ليست في المبدأ، لكن رد فعل الناس كان في ذلك الوقت ليس فيه وعي كامل، لأن الدولة لم تقم بدورها في ذلك الوقت في بداية التسعينيات، وكانت النتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي. الآن هذا درس مهم يجب أن نحلله، عندها بهذه الحوارات نستطيع أن نواجه الروايات الغربية، لأنها تعتمد على الكذب، بينما نحن حواراتنا تعتمد على الحقيقة، والحقيقة أقوى من الكذب، الكذب مؤقت، أما الحقيقة فهي مستمرة.
السؤال الرابع:
بعد فترة قريبة ستبدأ الانتخابات الرئاسية الروسية، إلى أي درجة ستؤثر هذه الانتخابات على مستقبل العالم وليس على روسيا فقط؟
السيد الرئيس:
نستطيع أن نبدأ بالجواب التقليدي لأي شخص رسمي عندما تسأله هذا السؤال، سيقول لك: هذا شأن روسي داخلي، ولكن ضمن هذا الشأن الداخلي يجب أن نسأل سؤال مهم جداً، أن روسيا اليوم بعد كل ما تحدثنا به الآن هي دولة يتوقف مصير العالم عليها شئنا أم أبينا، ليس فقط الحرب في أوكرانيا، ضمن الشأن الداخلي، هل يستطيع بلد يخوض حرباً مصيرية في أوكرانيا اليوم أن يكون جاهزاً لتبديل الأشخاص، ومعها السياسات، لدينا مثل باللغة العربية يقول: “لا يجوز أن تبدل أحصنتك خلال المعركة” لأن المعركة بحاجة لاستمرارية وثبات، هذا سؤال يتعلق بالوضع الداخلي، وأعتقد من معرفتي بكثير من الروس أن الجواب بالنسبة لهم واضح، كل ما يخدم المعركة الآن هو الأولوية، والرئيس بوتين هو جزء أساسي من هذه المعركة، فهو الذي اتخذ قرار هذه المعارك المتعددة، من جانب آخر لو نظرنا لروسيا على أنها دولة تقف معنا في سورية بحربنا ضد الإرهاب فنحن نتأثر بهذا الموضوع ولا نستطيع أن ننظر للوضع بروسيا على أنه وضع داخلي، هذا شيء مؤكد، فبالنسبة لنا الشخص الذي أخذ قرار الوقوف ضد الإرهاب في سورية له تأثير، وجوده أو غيابه له معنى كبير بالنسبة لنا، فبكل تأكيد سنتأثر بكل تغيير ولا داعي لكي تسأل من هو الشخص المفضل في هذه الحالة، أعتقد أن هناك أموراً هي أمور بديهية، أمّا لو نظرنا إلى روسيا في إطار التوازن الدولي فأيضاً لا نستطيع أن نفصل دور روسيا عن قراراتها، فالقرارات التي أخذها الرئيس بوتين هي التي تعيد روسيا إلى الساحة الدولية، وهي بالنتيجة تعيد التوازن الدولي للساحة العالمية، هل لدى روسيا خيارات أخرى مضمونة بأن هذه السياسة التي تعيد روسيا إلى مكانتها، وإلى قوتها، وإلى دورها، ليس دورها أيام السوفييت وإنما دورها الأقوى من أيام الاتحاد السوفييتي، هل هناك ضمانات بأن هناك استمرارية لهذا الدور، وهل هناك استعداد لخسارة ما تحقق في هذا المجال، أعتقد هذه الأسئلة كلها هي التي يجب أن تحدد كيف يفكر الكثير من الروس بالنسبة لهذه الانتخابات، مرة أخرى أعبر عن رأيي الشخصي كي لا يقول أحد أني أتدخل أو أحدد نيابة عن الشعب الروسي.
مداخلة:
ولكن رأيكم الشخصي يهمنا جداً.
السؤال الخامس:
أنتم تتحدثون عن إقامة حوار جديد، مع من في الغرب نستطيع أن نتحاور؟ هل هناك سياسيون يجدر بنا التحدث إليهم في الغرب؟ لدينا بايدن الذي لا يتذكر ما هو اسمه، وهناك ترامب الذي يمزقه حقده على إيران، ولدينا أوروبيون لا يملكون أي مصالح وطنية فهم تنكروا للغتهم الأم مثل (بوريل، شولتس، أورسولا فوندرلاين) فهم يتحدثون باللغة الإنكليزية علانية أكثر من تحدثهم باللغتين الألمانية والإسبانية، ولدينا بوريس جونسون الذي يكذب بخصوص كل شيء، ولا يحسن أن يرتب الأمور حتى على تسريحة شعره، وهناك ماكرون الذي لا يستطيع حتى الآن أن يحدد من هو نصف ديغول وثلث نابليون، فمع من سنتحدث؟ من هو مستعد لإعطاء وعد والالتزام به؟
السيد الرئيس:
إذا كنت تريد أن تبني علاقة مع شركة تجارية فلديك الموظفون والمديرون الفرعيون فيها، ولديك مدير الإدارة أو المدير التنفيذي، ولديك مجلس الإدارة الذي يمثل المالكين، بالنسبة للغرب وتحديداً الولايات المتحدة، الرؤساء هم مديرون تنفيذيون ولكنهم ليسوا المالكين، فإذا تحدثت مع الرئيس فسوف يعود لمجلس الإدارة لكي يأخذ الرأي والقرار، أما الرؤساء الأوروبيون فهم مديرون فرعيون ينفذون ما يريده المدير الأكبر، ليس لهم قرار، سوف يقولون لك اسأل المدير، من هم أعضاء مجلس الإدارة الذين يمسكون بالقرار؟ هم الشركات الكبرى، فإذا أردت أن تتحدث عن السياسة أو بالسياسة فعليك أن تعود إلى هؤلاء، المشكلة مع هؤلاء أن مصلحتهم في الحروب، فإذا قلت لهم سنذهب للحرب فسيقولون لك هذا جيد سوف يأتينا بالأموال وهلم جراً، أي شيء لا يخدم مصالحهم المادية ليس له قيمة لذلك في الغرب لا توجد سياسة ، أنت تتحدث عن السياسة في الغرب توجد مصالح آنية يومية مؤقتة، مصالح خاصة، مصالح مجموعات ضغط، وكلها تدور حول الأموال والنفوذ الشخصي، نأخذ مثالاً ترامب كان ضد الحروب عندما أتى رئيساً وكان يريد أن ينسحب من الشرق الأوسط وينسحب من سورية، ما الذي حصل؟ الذي حصل أنه قام بضربة صاروخية على سورية، لماذا؟ لأنهم هددوه وقالوا له بأننا سنحاكمك لعدم الأهلية، وكانت النتيجة أنه ضرب سورية لكي يقدم لهم شهادة حسن سلوك، أو لكي يعطوه شهادة حسن سلوك بالأحرى، هكذا يدار الغرب، لذلك إذا أردت أن تتحدث مع سياسي، لا يوجد.
الرئيس بوتين تحدث معهم على مدى عشرين عاماً هل حصل على نتيجة؟ لا توجد نتيجة ولن يصل إلى نتيجة، نحن نحاول أن نبني علاقات جيدة مع الغرب منذ خمسين عاماً وكان هناك مسؤولون جيدون عاقلون، البعض منهم لديه أخلاق ولكنهم لم يتمكنوا من فعل شيء لأن المنظومة السياسية عندهم هي منظومة بيع وشراء وليست منظومة مصالح مشتركة كما يقال هذا جانب، من جانب آخر لن يقبلوا بروسيا شريكاً فهم لا يقبلون بشركاء، وأمريكا لا تقبل بأوروبا شريكة، بريطانيا ليست شريكة ولا فرنسا ولا ألمانيا كل هذه الدول هي دول تتبع لأمريكا، فإذا كانت أمريكا لا تقبل بأوروبا شريكة وهم الحلفاء التقليديون هل ستقبل بروسيا؟ مستحيل فلذلك لن تصل لنتيجة هذا هو الجواب.
السؤال السادس:
الأمريكيون سيوجهون عقوبات ضد الرئيس الروسي، وكما أعرف أنكم أيضاً تحت عقوبات دول عديدة منذ سنوات عدة، انطلاقاً من خبرتكم ما الذي كنتم ستنصحون رئيسنا به؟ وكيف عليه أن يتصرف مع خطوات سياسية كهذه؟
السيد الرئيس:
ربما يكون لقائي المقبل مع الرئيس بوتين لكي نناقش فيه ماذا نفعل بأرصدتنا في المصارف الأمريكية، هي مشكلة كبيرة، الغرب مضحك وغبي أحياناً، لكن لاحظ ما يحصل، بدأ الحصار على كوبا منذ ستين عاماً وبدأ الحصار على سورية في عام 1979 وبالعام نفسه على إيران وبعدها على كوريا الشمالية واستمر يتوسع ويتوسع والآن الحصار على روسيا والحصار على الصين ويستمر الحصار، ما هي النتيجة بعد فترة سيكتشف الغرب بأنه هو المحاصر.
لأن الدول تتعامل مع بعضها، النتيجة أن الدولار يفقد قيمته ويفقد وزنه وهذا شيء جيد لذلك أنا أعتقد أن الحصار الغربي على الدول الأخرى يقوض ويضعِّف الدولار ويحقق مصالحنا على المدى البعيد، فأنا لا أراه سيئاً، أراه أحمق من وجهة نظرنا، ولكن من الأفضل أن يستمروا به لأنه يخدم مصالحنا العالمية، ولا أقصد سورية وروسيا بل يخدم مصالح معظم العالم على المدى المتوسط، ليس بالضرورة البعيد، المتوسط والبعيد.
السؤال السابع:
ولكن عندما تكون العقوبات شخصية ضد رئيس الدولة ما المعنى في هذا؟
السيد الرئيس:
هذه أمور رمزية قد تعني الكثير بالنسبة للمواطنين في الغرب لأنهم هم صوروا على مدى عقود بأن الحياة بالنسبة لأي واحد في العالم يجب أن تنطلق من الغرب، الأكسجين من الغرب، فإذا قرر الغرب أن يحرمك من شيء فلا بد أنك ستموت وتصبح معزولاً إلخ، هكذا يتخيل ويتوهم الغرب، لا يعرف أن العالم تغير، فهم عندما يصدرون مثل هذه القرارات قد يكون هدفها بالدرجة الأولى المواطن الغربي المسكين الذي لا يعرف ما الذي يحصل في العالم ، فهو يعتقد أن الرئيس بوتين اليوم يتعذب ولا ينام الليل بعد هذا القرار، هذه هي الحقيقة، هم ساذجون إلى درجة كبيرة ، أنا أتحدث عن مسؤولين طبعاً لا أتحدث عن الشعوب.
مداخلة:
إذاً عندما وجه زيلينيسكي عقوبات شخصية ضدكم هل انعكس هذا على نومكم الهانئ؟
السيد الرئيس:
أنا منذ ذلك الوقت أتعالج نفسياً على كل الأحوال.
مداخلة:
ولكن في كل الأحوال استطاع إضحاككم بهذا..
السيد الرئيس:
وهذا جيد، هو بالأساس مهرج، هذا دوره كان قبل الرئاسة، ونجح أكثر عندما أصبح رئيساً في هذا الجانب أي الكوميديا أكثر من كونه ممثلاً.
السؤال الثامن:
مع الأسف اتضح أنه ممثل هزلي ودموي.
سيادة الرئيس: هل تغير التعامل العالمي مع سورية.. العالم العربي أدار وجهه مجدداً إلى سورية، لأن سورية لم توافق على التنازلات، ولم تخن نفسها.. ما هو الدرس الذي يمكن استخلاصه من هذا الشيء؟
السيد الرئيس:
أول درس وهو قد يكون الدرس ربما الوحيد الكبير، وهناك طبعاً دروس كثيرة، ولكن عندما تتمسك بمصالحك الوطنية وبمبادئك فربما تدفع ثمناً وتتألم، وربما تخسر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد سوف تربح. سوف تربح الوحدة الوطنية ولاحقاً لا بد أن تتغير الأحوال وتربح كل شيء تطمح إليه في وطنك، تجارب الدروس الموجودة من خلال العلاقة مع أمريكا من شاه إيران إلى ما بعد، كلها نماذج تدل على أن العلاقة مع الغرب هي علاقة مؤقتة، فإذا قدمت للغرب كل ما يريد فهو سيستخدمك وسيدعمك، ولكن عندما ينتهي دورك سوف يلقي بك في سلة المهملات، انتهى دورك، هذا حصل مع شاه إيران وحصل مع كثير من الأسماء التي لا أريد أن أذكرها الآن في عدة دول لأنها ربما ستثير حساسيةً، البعض منها في دول عربية لأشخاص وقفوا مع أمريكا في كل مفصل وعندما احتاجوا أمريكا لم تقف معهم، بكل بساطة هذا هو الغرب، فالغرب لا يستخدم الأخلاق بينما أنت عندما تقف مع مصالحك الوطنية فالشعب سيقدر هذا الشيء ولو كان مختلفاً معك بالسياسات، فأنا لا أعتقد أن كل الناس تقف مع الرئيس بوتين اليوم ولكن يقدرون مواقفه الوطنية، لا يستطيعون أن ينكروا هذه الحقيقة، فالخلاف حول التفاصيل شيء والخلاف حول الموضوع الوطني شيء آخر، الموضوع الوطني هو الذي يجمع الناس ، هذا هو الدرس الأول لا تبادل أو لا تتنازل عن مصالحك الوطنية مقابل دعم خارجي لا غربي ولا غير غربي، المصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وبعدها تأتي العلاقات الخارجية، هذا هو الدرس.
السؤال التاسع:
وصفوكم بأنكم ديكتاتور وطاغية كما وصفوا أيضاً فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، وكذلك القيادة الإيرانية والقيادة الكورية. بينما هم في أوروبا وأمريكا ديمقراطيون.. أنتم تقولون يجب علينا سماع الشعب، وفي الوقت نفسه هم يقولون يجب الإنصات لهم.. من هو الطاغية الآن؟ وكيف نحدد أن قادة البلد طغاة أم خدم للشعوب؟
السيد الرئيس:
بالنسبة للدول الغربية باعتبار أنه نظام رأسمالي ورأسمالي متوحش فالدولة موجودة لخدمة الشركات، والشركات توظف المواطنين، ولكن الدولة ليست موجودة لخدمة المواطنين بشكل مباشر، وإنما عبر مصالح الشركات وأنت تعرف بأنه خلال العقود الأخيرة، الطبقة الوسطى في الغرب بدأت تصبح صغيرة جداً لمصلحة الشركات الكبرى والأغنياء الكبار في الغرب، فلذلك بالنسبة لهم هذا المواطن له حق وحيد هو أن يذهب إلى صندوق الاقتراع، هذه هي الديمقراطية، الديمقراطية الغربية ملخصة بصندوق الاقتراع، أي شيء آخر ليس له قيمة، كم مظاهرة خرجت في العالم الغربي ضد الحرب على العراق منذ عشرين عاماً؟ كم مظاهرة خرجت في الأشهر الأخيرة دعماً للفلسطينيين؟ هل تُغير هذه المظاهرات أي شيء من السياسة؟ لا تغير، أنت تستطيع أن تقول ما تريد ولكن بالانتخابات نحن بشكل غير مباشر، سنقول لك من تنتخب، أولاً الخيارات نفسها، لا يوجد لديك خيارات كثيرة، ثانياً الإعلام مع الشخصيات المشهورة ستؤدي دوراً مخططاً لها وأنت ستنتخب كما تريد، لكن بالنسبة لموضوع الديكتاتورية والديمقراطية لا يمكن لدول قتلت عشرات الملايين بعد الحرب العالمية الثانية، أنا لا أتحدث عن الحرب العالمية، من الحرب الكورية حتى اليوم عشرات الملايين من المواطنين أو الأبرياء قتلوا في العالم بسبب السياسات الغربية وبشكل مقصود، هجموا واحتلوا العراق فأفغانستان وليبيا وسورية وغيرها من الدول، هل يحق لهؤلاء أن يتحدثوا بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان، أو بالقانون الدولي أو بالأخلاق، فإذا سمعت تقييماً من هؤلاء فهو لا يختلف عن شخص لص في الشارع يأتيني ويشتمني، أقول له لا قيمة لكلامك، الحقيقة أن كلام المسؤولين الغربيين ليس له قيمة، لم يعد له قيمة، لذلك علينا ألا نضيع وقتنا في تقييمهم هم أقل من أن يقولوا من هو جيد ومن هو سيئ.
السؤال العاشر:
أعيد عليكم السؤال الذي طرحه الصحفي تاكر كارلسون لبوتين: بايدن أم ترامب؟
السيد الرئيس:
الشكل الإعلامي والإحصائيات تقول إن ترامب سيفوز، أما بالنسبة لنا دائماً فنقول الرؤساء الأمريكيون متشابهون، كما قلت لك قبل قليل كلاهما مدير تنفيذي، ولا واحد منهما يصنع السياسة، علينا أن نسأل من هو صانع السياسة الحقيقي الذي يعمل خلف ستار الذي سيفوز، هو نفسه، اللوبيات والإعلام والمال أقصد المصارف، والسلاح والنفط، هو الذي سيفوز بكل الأحوال.
الصحفي:
شكراً سيادة الرئيس.
السيد الرئيس:
شكراً لكم أنا سعيد جداً بهذا الحوار الغني.