غزة بعد التهدئة.. (إسرائيل) تواصل المذبحة

“هذا حلم أم حقيقة.. قل لي”، تسأل الطفلة مرح التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات، الطبيب الذي يضمد جراحها في أحد مشافي قطاع غزة المحاصر، ورغم طمأنته لها بأنها بخير وقوله لا تخافي.. تصرخ الصغيرة من الألم وتنظر إلى يديها المدماتين المغطاتين بغبار ركام منزلها الذي قصفه الاحتلال الإسرائيلي، وتكرر السؤال باكية أكثر من مرة.. “هذا حلم أم حقيقة.. قل لي”.

هي حقيقة إرهاب الاحتلال الذي جدد على مرأى العالم عدوانه الوحشي على القطاع بعد انتهاء التهدئة المؤقتة يوم الجمعة الماضي، حيث لم يترك شبراً إلا وقصفه، مرتكباً عشرات المجازر راح ضحيتها نحو 1000 شهيد، منهم 700 ارتقوا أمس، 300 منهم جراء قصف الاحتلال بعشرات الصواريخ والقنابل مربعاً سكنياً في حي الشجاعية بمدينة غزة، و100 شهيد في قصف مماثل استهدف مخيم جباليا شمال القطاع، إضافة إلى مئات المصابين وتدمير عشرات المنازل.

المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمد بصل كشف تفاصيل المذبحة التي ارتكبها الاحتلال في الشجاعية قائلاً: الاحتلال قصف بأكثر من 10 قنابل شديدة الانفجار 50 منزلاً مأهولاً، تضم أكثر من 1000 من سكانها ونازحين لجؤوا إليها، وانتشلت طواقمنا جثامين 300 شهيد، وأنقذنا عدداً قليلاً من الجرحى، ما يدل على أن كل من كان في هذا المربع السكني قد استشهد، وما زالت هناك أعداد كبيرة تحت الأنقاض لم تتمكن الطواقم من الوصول إليهم، بسبب كثافة القصف وعدم توافر المعدات اللازمة.

بدوره ذكر مصدر طبي في مخيم جباليا أن الاحتلال قصف منزلاً مكوناً من ستة طوابق، وتم انتشال جثامين 100 شهيد، بينهم 50 طفلاً و30 امرأة من أصحاب المنزل وأقاربهم الذين لجؤوا إليهم، ولا يزال هناك كثيرون تحت الأنقاض.

الموت والدمار والرعب ليس المعاناة الوحيدة التي يعيشها أهالي القطاع المحاصر، حيث يواجهون في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال عليهم بدعم من الإدارة الأمريكية ظروفاً كارثية على جميع المستويات، إذ يمنع الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية والطبية والإمدادات التموينية والوقود، لتعطيل عجلة الحياة في القطاع بشكل كامل، وبالتالي الحكم على 2.4 مليون فلسطيني في القطاع بالإعدام.

المكتب الإعلامي في غزة أوضح أن الاحتلال يقصف عشرات المنازل بشكل متزامن، ويوغل في دماء الفلسطينيين ويخلف مئات الشهداء والجرحى، مبيناً أن الاحتلال قصف القطاع منذ بدء عدوانه عليه في السابع من تشرين الأول الماضي بنحو 100 ألف قنبلة وصاروخ، منها قنابل تزن 2000 رطل من المتفجرات، وارتكب 1450 مجزرة بهدف التخلص من الفلسطينيين إما بالقتل أو بالتهجير القسري.

صباح الجمعة الماضي وبعد تهدئة استمرت سبعة أيام عادت غزة إلى إحصاء ضحاياها من الشهداء والجرحى والمفقودين، وعاد العالم للاكتفاء بمشاهدة أشلاء الفلسطينيين وجثامينهم المتفحمة، وسيارات الإسعاف تهرع إلى المنازل المدمرة، لنجدة من نجا من قصف الاحتلال أو لنقل الشهداء الذين ما كانت أعدادهم لتعاود الارتفاع لولا دعم الولايات المتحدة والغرب للاحتلال وحمايته من المساءلة، وتخاذل المجتمع الدولي في توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، كمقدمة من أجل تمكينه من ممارسة حقة في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين.