بعد رحلة قاربت أربعين عاماً من الجهد الدؤوب والسعي لإثبات أهمية ومكانة حرفة تتسم بالتراث والحداثة حصلت الحرفية جمانة إبراهيم على لقب (سيّدة القَش) في سورية.
الحرفية إبراهيم تروي خلال حوارها مع مراسلة سانا بداية قصتها مع صناعة أطباق القش منذ أن كان عمرها (15 عاماً) عندما جذبتها جلسات نساء قريتها جوبة صبيح بريف الشيخ بدر، حيث كن يتبادلن الحكايا تحت شجرة التوت ودالية العنب، أثناء تحضير القش لصناعة الأطباق وأشياء أخرى منه تصلح للزينة وللاستخدام المنزلي.
وتقول إبراهيم: “تلك الصورة منحتني طاقة إيجابية ودفعتني للتعلم فبدأت عملية التجريب الأولى بمفردي من القش الموجود في الطبيعة لتساعدني والدتي بشرح مراحل وأسس تلك الصناعة، وكانت مشاركتي الأولى منتصف التسعينيات بالمعرض السياحي الأول الذي أقامته مديرية السياحة في طرطوس، وكنت الوحيدة من طرطوس وشاركت بنماذج متنوعة من أطباق القش مع 100 سيدة سورية من كل المحافظات”.
وتتطلب مراحل عملية صنع أطباق القش محبة وصبراً وإتقاناً، وفق الحرفية إبراهيم التي تشرح تلك المراحل بقولها: “بدءاً من عملية حصاد القمح آلياً أو يدوياً حيث نأخذ بعدها أعلى عقدة في سنبلة القمح ونزيل طبقة القشر عنها ونفصله عن الساق بعد نقعها بالماء نحو الساعة لتصبح مادة طرية نصنع منها الأطباق مع إدخال الصباغ الطبيعي عليها”.
وعملت إبراهيم على تطوير حرفتها بإدخال أفكار جديدة كصناعة الجزادين والقبعات مع رسم لوحات من القش استوحت مواضيعها من التاريخ والطبيعة والحياة الريفية، مع إدخال تشكيلات على الأطباق لتحمل طابعاً هندسياً وتزيينياً، منها لوحة الشمس التي جسدت فيها التكوين الأول للحياة مع كتابة الحروف الأبجدية ما أهلها لنيل الجائزة الفضية عام 2003، بعد مشاركتها بمعرض الباسل للإبداع والاختراع الذي منحتها إدارته لقب (سيدة القش في سورية) عام 2015، بعد حصولها فيه على 3 فضيات وبرونزية واحدة، سبقها عام 2000 مشاركتها لأول مرة في معرض دمشق الدولي ومشاركات بمناسبات أخرى.
الحرفية إبراهيم تحرص في مشاركاتها على إظهار الجو التراثي المتكامل بإرتداء الزي الفلكلوري لإخراج مكنونات حرفة تستحق أن نحافظ عليها كمهنة تراثية كان لها طابع تجاري، وكانت سبباً بتأمين فرصة عمل لها بالمركز الثقافي في الشيخ بدر لتؤسس ركناً خاصاً فيه للمقتنيات والأعمال التراثية كان الأول من نوعه وتم تعميمه فيما بعد على باقي المراكز.
ولا تزال إبراهيم تجتهد لتطوير حرفة عريقة وتعليمها لمن يريد سواء في النشاطات العامة أو في ورشتها الصغيرة مع إخوتها، رغم صعوبات العمل والتسويق لتبقى صناعة القش رسالة سامية غايتها الأولى والأخيرة الإنسان وفق تعبيرها.