أ.د: حيان أحمد سلمان .
تؤكد الدراسات والوقائع الاقتصادية على ان تاريخ أمريكا بشكل عام واقتصادها بشكل خاص مبني على إراقة الدماء، فمنذ نشأة أمريكا أبادوا شعبها الاصلي ( الهنود الحمر ) وارتكبوا بحقهم إبادات جماعية ،و كتب ( كارل ماركس ) عن ذلك موضحا بمنح مايعادل /100/ جنيه استرليني لمن يقتل رجل هندي و/50/ جنيه لمن يقتل امرأة ! مستخدمين الاسلحة النارية مقابل اسلحة الهنود الحمر البدائية، كما سمموا الابار وسخروا الشباب للعمل في مناجم الذهب …الخ ، وأيضا ألقت امريكا القنابل الذرية على ( هيروشيما وناغ زاكي ) اليابانيتين سنة /1945/ وبدون أي مبرر وكانت الحرب قد انتهت ولكن الهدف هو ترويع ( السوفييت ) وقتل الابرياء لتنفيذ مشاريعهم الاقتصادية، وما يجري الان في ( غزة هاشم ) الصامدة يؤكد استمرار النهج الامريكي منذ تأسيسها سنة /1776/ لترسيخ سيطرة وتراكم رأس المال الامريكي على حساب تدمير الشعوب ، وما يجري الآن في غزة من قبل امريكا وتوابعها يؤكد قولنا أعلاه، ونسأل هل غزة تعرقل التطلعات الصهيو امريكية للسيطرة الاقتصادية على منطقتنا بشكل عام وعلى منطقة البحر الابيض المتوسط والاحمر وغيرهما بشكل خاص ، وبما يضمن السيطرة على التجارة بين دول شرق المتوسط والعالم من خلال إقامة شبكات نقل دولية وخاصة في المجال البحري والسكك الحديدية ،وأن يكون الكيان الصهيوني وهو ( غدة سرطانية ) قاعدة للإمبريالية المتوحشة مركزا تجاريا عالميا على حساب دول المنطقة ، ويتجلى هذا واضحا في المشروعين الاقتصاديين الكبيرين للتحالف الصهيو غربي وهما مايطلق عليهما في الادبيات الاقتصادية الصهيونية ( قناة بن غوريون والممر الهندي )؟!، فالقناة التي طرحها رئيس وزراء الكيان الصهيوني الاول ( بن غوريون ) ستكون بديلة عن ( قناة السويس ) وتربط بين البحرين الابيض والمتوسط والأحمر عبر مرفأ ( إيلات ) التجاري الذي افتتح سنة /1955/ والواقع على البحر الاحمر وعلى رأس الجهة الشمالية لخليج العقبة الاردني و تربط بين ميناء إيلات بميناء عسقلان على البحر المتوسط والمتاخم للحدود الشمالية لقطاع غزة ،و بدأت الاقتصاديات الغربية تروج لهذه القناة بانها ستوفر في زمن نقل السلع لأسبوعين وبالتالي تقليل التكلفة بنسبة /40%/ بالمقارنة مع قناة السويس التي توفر سنويا لمصر الشقيقة بحدود /9/ مليار دولار ،وتتضمن قناة بن غوريون قناتين إحداهما من البحر الاحمر إلى البحر الابيض والاخرى من البحر الابيض إلى البحر الأحمر ويقولون أنها أكثر أمنا وأمانا من قناة السويس ، وسيتم إقامة مدن سياحية على جانبيها …الخ ، علما أنها ستضر بالأردن الشقيق من خلال إمكانية الاستغناء عن مدّ أنابيب الغاز من المنطقة إلى اوروبا خارج الاراضي الاردنية أي في منطقة موازية للأردن، وبدأ الاعلام الصهيوني يدعو المستثمرين للمشاركة بإنشاء هذه القناة لأن [ 90% من التجارة الإسرائيلية مع العالم تجري عبر البحر، وأن 80% من المياه المستخدمة في البيوت والمصانع تأتي من مشاريع تحلية مياهه، بالإضافة إلى أنّ البحر المتوسط تحوّل إلى مصدرٍ لإنتاج الغاز لها…الخ ] ، وستكون صلة وصل بين قارتي أسيا وأوروبا ، وستؤثر القناة على المشاريع الاردنية الاستثمارية أيضا ومن اهمها مشروع ( الناقل الوطني ) الذي سيقوم بتحلية المياه من البحر الاحمر ونقلها إلى الاردن ، أما المشروع الثاني وهو ( الممر الهندي ) الذي تم اعتماده قبل العدوان على غزة وعلى هامش اجتماع قمة العشرين) في الهند بتاريخ 10/9/2023 والذي يمتد من الهند إلى ميناء حيفا في الكيان الصهيوني والواقع على البحر الابيض المتوسط وعبر دول العربية ، والهدف هو دفع دول المنطقة للاستغناء عن مشروع (الحزام والطريق ) وقد وافقت كل دول المنطقة على المشاركة به وعلى مبدأ ( رابح رابح ) ، واعتبره الكيان الصهيوني بأنه أحد مصادر الخطر على اقتصاده وبالتالي فإن الكيان يريد محاصرة المشروع الصيني العملاق ، ومن هنا نتفهم لماذا تمارس الولايات المتحدة الضغوط لإنشاء هذا الممر والذي يتألف من قسمين وهما الممر الشرقي و يربط الهند بالخليج العربي ،والممر الشمالي يربط الخليج العربي بأوروبا، ويشمل خطًا للسكك الحديدية يوفر شبكة عبور عبر الحدود من السفن إلى السكك الحديدية، فهل العدوان على غزة ودماء الاطفال والابرياء تتطلب منا كعرب عرقلة مشروعي ( القناة والممر ) وتفعيل المقاطعة الاقتصادية العربية مع الكيان الصهيوني أيضا ، علما ان اسرائيل حتى الآن عجزت عن تحقيق أي هدف عسكري ، لذلك طالب عتاة الصهاينة بقتل الغزاويين باستخدام السلاح النووي كما صرح ( عميحاي إلياهو) وزير مايدعى (التراث الصهيوني ) فهل ننتظر ردا عربيا من قبل جامعة الدول العربية ؟!. 10/11/2023