صوت فلسطين حاضر في ملاعب أوروبا ومعايير الغرب المزدوجة تتوعد

التضامن والتعاطف العالمي الكبير مع الشعب الفلسطيني المنكوب جراء العدوان الإسرائيلي عليه، انتقل من شوارع وساحات معظم مدن العالم وعواصمه إلى مدرجات الملاعب وخاصة الأوروبية، رغم التضييق والحظر الذي فرضته أغلب أندية القارة لكرة القدم على لاعبيها وجماهيرها لمنعهم من إبداء تأييدهم لفلسطين، مهددة من يقوم بذلك بعقوبات قاسية.

تعاطف بدأته جماهير نادي سلتيك الاسكتلندي، التي رفعت في ثاني أيام العدوان خلال لقاء فريقها مع كليمارنوك في الدوري المحلي لافتات دعم وتضامن مع الشعب الفلسطيني، كتب عليها (الحرية لفلسطين) و(النصر للمقاومة)، في موقف ليس جديداً على النادي الذي اعتادت جماهيره التضامن مع فلسطين وقضيتها، ففي آب 2016 رفع مشجعوه الأعلام الفلسطينية في مدرجات الملعب، خلال مباراة فريقهم ضد فريق “إسرائيلي” في الدور التمهيدي لدوري أبطال أوروبا، ليرد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بفرض عقوبات تأديبية بحق النادي وفرض غرامة مالية عليه، وقوبل ذلك بقيام جماهير النادي بالتبرع لجمعيتين خيريتين فلسطينيتين.

وعلى خطى نادي سلتيك، رفعت جماهير نادي أوساسونا الإسباني أعلام فلسطين في مباراة فريقها مع نادي غرناطة في الدوري المحلي يوم الجمعة الماضي دعماً للشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة ضد ما يتعرض له من اعتداءات وقصف من طيران الاحتلال الإسرائيلي، كما رفعت جماهير ريال سوسيداد الإسباني أعلام فلسطين خلال مباراة فريقها أمس ضد ريال مايوركا، تضامناً مع غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول الجاري، رغم طلب رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس بحظر أعلام فلسطين في مدرجات الدوري.

وعلى غرار ما فعله مشجعو أندية سلتيك وأوساسونا وسوسيداد، وفي تحد لقرارات المنع التي فرضتها رابطة الدوري الإنكليزي، ظهرت أعلام فلسطين في مدرجات ملعب انفيلد معقل فريق ليفربول خلال مواجهة إيفرتون، ضمن الدوري الإنكليزي الممتاز، ورفعت الجماهير لافتات (أنقذوا غزة) و(أوقفوا الحرب)، في رسالة دعم للشعب الفلسطيني الذي يرتكب الاحتلال بحقه مجازر يندى لها جبين الإنسانية.

وفي إيرلندا، صدحت جماهير نادي ديري سيتي بهتافات داعمة لغزة والقضية الفلسطينية، خلال مباراة فريق المدينة أمام نادي شيلبورن في الدوري الممتاز يوم الجمعة الماضي، كما رفع مشجعو نادي بوهيميان أعلام فلسطين خلال مباراة فريقهم مع سان باتريك أتلتيك في الدوري المحلي الممتاز، وأعلن النادي عبر حسابه على منصة إكس “تويتر سابقاً” جمع تبرعات لمصلحة أهالي غزة.

وبمقابل التعاطف الكبير الذي عبر عنه مشاهير الرياضة في العالم ودعمهم الكامل لقطاع غزة المحاصر، ومطالبتهم بفتح المعابر إليه بشكل دائم لإدخال المساعدات الغذائية والطبية والوقود، استخدمت إدارات أندية أوروبية واتحادات دولية مصطلح (عدم خلط الرياضة بالسياسة) لمنع اللاعبين العرب والأفارقة من دعم فلسطين، في محاولة لإسكات كل من يقول: “لا للاحتلال والعدوان ونعم لحرية فلسطين”، حيث تعرض عدد من النجوم الذين يلعبون في أندية أوروبية كبيرة وأبدوا دعمهم لفلسطين للتضييق من إدارات أنديتهم وصل حد فسخ عقود بعضهم، مثلما حصل مع اللاعب الهولندي من أصول مغربية أنور الغازي الذي تلقى خبراً صادماً من ناديه ماينز الألماني بفسخ عقده، بسبب مساندته للقضية الفلسطينية.

الغازي كان كتب على صفحته في إنستغرام: “إنها ليست حرباً.. عندما يقوم طرف بقطع المياه والغذاء والكهرباء عن طرف آخر، فهذه ليست حرباً.. عندما يملك طرف أسلحة نووية، فهذه ليست حرباً.. عندما يتم تمويل طرف بمليارات الدولارات، فهذه ليست حرباً.. ما نشهده الآن بشكل حي هو إبادة جماعية ودمار شامل”، وختم منشوره “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”.

كما تعرض نجم المنتخب الفرنسي من أصول جزائرية كريم بنزيما لهجوم شرس من وسائل إعلام غربية ومسؤولين فرنسيين، من بينهم وزير الداخلية وأعضاء في البرلمان وصل حد المطالبة بسحب الجنسية منه، وتجريده جائزة الكرة الذهبية، بعد توجيهه رسالة دعم لأهالي قطاع غزة عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، قال فيها: “كل صلواتنا من أجل سكان غزة الذين يقعون ضحايا لهذا القصف اليومي الظالم الذي لا يستثني أحدا بمن فيهم الأطفال والنساء”.

وحذف الاتحاد الدولي للسباحة من على صفحته الرسمية صور السباح المصري عبد الرحمن سامح المتوج بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للسباحة التي أقيمت في اليونان، بسبب دعمه فلسطين، حيث صرح سامح بعد تتويجه بالمركز الأول في سباق 50 متراً فراشة بأن حياته أصبحت مهددة بالخطر قائلاً: لا أعرف إذا كان ينبغي عليّ أن أحتفل بهذا الإنجاز أم لا، بسبب أن أخوتي يقتلون في فلسطين، مشيراً إلى تلقيه تهديدات بالقتل بسبب موقفه الداعم لفلسطين.

ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين التي اعتاد الغرب استخدامها في السياسة لم تكن يوماً بعيدة عن الرياضة، ومثلما يحصل اليوم مع هؤلاء الرياضيين، حصل سابقاً عندما عاقب الاتحاد الدولي لكرة القدم رياضيين عرباً وعالميين لمجرد التعبير عن تضامنهم مع القضية والشعب الفلسطيني، وإدانة انتهاكات “إسرائيل” وممارساتها بحقه، وعلى النقيض لم تعاقب الاتحادات ذاتها “إسرائيل”، ولم تفرض عزلة رياضية على أنديتها، رغم ما تمارسه من جرائم قتل وتدمير وترهيب واعتقال بحق الفلسطينيين، بل سمحت لها بالمشاركة في البطولات الرياضية الإقليمية والقارية والدولية، لتسير على خطى سياسييها بدعم القاتل، والانتقام من الضحية.