الاقتصاد الأمريكي بين مطرقة الدين العام وسندان التحولات ؟.

أ.د: حيان أحمد سلمان .

أبدأ بالتوسل لله بأن يصب شآبيب الحمة على كل الشهداء والشفاء العاجل للجرحى ونحن نعيش مأساة ارتقاء العشرات منهم في الكلية الحربية في مدينة حمص الحبيبة ، وكل هذا مرتبط بالمشاريع الامريكية وأعمالها الشيطانية ، ويأتي هذا والعالم كله مشغول بتداعيات رفع ( سقف الدين العام أو مايعرف بحد الدين العام )، ويتقاذف كل من الحزبين الديمقراطي وشعاره الحمار والجمهوري وشعاره الفيل التهم حول أسباب زيادة الدين العام وكيفية علاجه،  حيث تجاوز الدين الأمريكي الحد المسموح به وخاصة بعد ان تم رفعه بمقدار /2،5/ تريليون دولار في شهر كانون الأول سنة /2023/ ليتجاوز حاليا /31،4/ تريليون دولار وبما يعادل /125%/ من قيمة الناتج المحلي الامريكي GDP وهذا أكثر من الحد الذي سمح به الكونغرس الأمريكي والسبب هو زيادة النفقات عن الإيرادات ، ويتضمن هذا الدين كل من ( الدين الداخلي من ديون المواطنين والحيازات الحكومية الداخلية للصناديق الحكومية مثل صندوق التقاعد والضمان وغيرها إضافة إلى الديون الخارجية وخاصة للصين واليابان وبريطانيا ) ،وتطالب إدارة ( جون بايدن ) برفع سقف الدين دون أي قيود لكن السيد رئيس الكونغرس ( كيفن مكارثي ) من الحزب الجمهوري ومعه الكثير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين  رفضوا ذلك وطالبوا  بتخفيض النفقات في الموازنة الامريكية بمقدار /1،5/ تريليون دولار ، وبرأي الرئيس الأمريكي ( جون بايدن )  أن عدم رفع سقف الدين سيحدث ( تعثر وسينزلق اقتصاد البلاد إلى الركود وستتأثر سمعة واشنطن الدولية بشكل كبير وأضاف إذا تخلفنا عن سداد ديوننا، فإن العالم بأسره سيواجه المشاكل) ، وبرأينا أن أهم النتائج السلبية التي ستترتب على ذلك كثيرة ومن أهمها نذكر [ تفاقم  المشاكل الاقتصادية الامريكية بسبب تراجع عمل الخدمات الحكومية وعدم القدرة على توفير الأموال لمقتضيات الدفاع الأمريكي – عدم سداد متطلبات الضمان الاجتماعي – تخفيض التصنيف الائتماني للمصارف الامريكية وتراجع الثقة في الديون الامريكية وسيطرة حالة عدم اليقين وقد خفضت وكالة (ستاندرد آند بورز)  تصنيف المصارف الامريكية سابقا من  (AAA+) للبلاد -وهو أعلى مستوى ممكن- إلى  (AA +) وهو مستوى متوسط وسيؤدي إلى تراجع الثقة بالمنظومة المصرفية الامريكية  مع زيادة تكاليف الاقتراض – التأثير السلبي على سعر الصرف في الأسواق العالمية وتراجع قيمته بين العملات الدولية – الدخول في الركود وتراجع معدل النمو الاقتصادي وانكماش الناتج المحلي الإجمالي \وحصول فوضى في السوق المالية والبورصات العالمية –  تراجع الاستثمارات الامريكية وتوجهها نخو دول أخرى ، زيادة معدل البطالة بسبب فقدان الكثير من الوظائف وبالتالي زيادة بؤر التوتر وفقدان الاستقرار- تأثر اقتصاديات واحتياطيات  العالم النقدية وخاصة المرتبطة مع الدولار الأمريكي والبنك الفيدرالي الأميركي بشكل سلبي وسيقوم المستثمرون ببيع السندات الدولارية مما ينتج عنه خفض قيمة الدولار وتراجع أسعار الأسهم وزيادة إدمانها على الإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار مخالفين للشرعية الدولية كما في بلدنا الغالي سورية ، وتعتبر أمريكا هي السبب الأساسي وراء كل معاناة الشعب السوري والمزيد من الدماء السورية ..الخ ] ، وهذا أكده السيد ( ديفيد مالباس )  رئيس البنك الدولي حيث قال [ أن احتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، سيزيد من المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي المتباطئ و ستؤثر سلبا  على الجميع] . وأكد هذا الكلام وزير المالية البريطاني (جريمي هانت) حيث قال  [ إذا فشلت أمريكا في التوصل إلى اتفاق لرفع سقف ديونها وإذا خرج ناتجها المحلي الإجمالي عن المسار الصحيح فسيكون لذلك عواقب وخيمة للغاية] ، وأكدت وزيرة الخزانة الأمريكية (جانيت يلين) إلى أن (واشنطن ستضطر إلى التخلف عن بعض مدفوعاتها، إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين العام)   ، وبعد هذه الاتهامات نسأل بل نتسائل ماذا لو حصل هذا في دولة أخرى غير أمريكا التي تدعي أنها اقوى اقتصاد في العالم ؟!، وهل السيد ( كيفن مكارثي ) دفع الثمن بإقالته لأنه رفض رفع سقف الدين العام ؟1، أم أن تداعيات الحرب ( الروسية الناتوية ) تركت بصمتها على الاقتصاد الأمريكي كما فعلت حرب فيتنام  حيث أقدمت أمريكا بتاريخ 15/8/1971 بأكبر عملية خرق نقدية وهي الغاء تغطية الدولار بالذهب وإمكانية المبادلة بينهما ( الدولار الذهبي ) ؟، أم سيقل الدعم الأمريكي المقدم للحكومة الأوكرانية الفاشية ؟!، أم انها ستلجأ إلى طباعة المزيد من النقود وتشغل الات الطباعة على مدار /24/ ساعة ؟، أم أنها ستقوم بالتلاعب النقدي مثل سك عملات من البلاتين  بقيمة تريليون دولار ووضعها في خزائن الاحتياطي الفدرالي، أو أن تقوم  وزارة الخزانة بإصدار  سندات مميزة بتقديم أسعار فائدة أعلى بكثير فيقبل المستثمرون على شرائها، وبذلك يوفرون السيولة النقدية اللازمة للحكومة لسنة 2024؟، ، أم  تقليص القيمة الإسمية للدين للإفلات من تجاوز السقف؟!، وهذا شكل من اشكال ( العملات السامة ) التي كتبنا عنها سابقا باسم ( الديون المسمومة ) وفي جريدتنا تشرين ؟!، أم سيمهد هذا للانقلاب على الديمقراطيين وفوز الجمهوريين ؟!، وبراينا أن كل هذه الحلول هي حلول جزئية وإذا انتقلنا من الاقتصاد الكلي إلى الجزئي نقول : أنه من الخطورة عندما تؤكد الادبيات الاقتصادية الامريكية بان [ نصيب كل مواطن أميركي من الدين العام يقترب من 95 ألف دولار والعائلة /247/ ألف دولار والدين العام يبلغ أكثر من 6 أضعاف الإيرادات الفدرالية السنوية. وهذا يؤكد ان أمريكا بدات تدفع ثمن الحرب  الروسية الناتوية والخلافات التجارية مع  الصين واطماعها الخارجية وأعمالها الإرهابية الدموية  كما في سورية وغيرها من الدول الأخرى  ويجب ان تدفع أمريكا الثمن ودوام الحال من المحال.  

دمشق 6/10/2023