الاحتلال يهدد بإعدام كل جريح ومريض ونازح في مستشفيات غزة

القصف والاعتداء المتعمد على المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى مخالفة جسيمة للقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف ولاهاي و”جريمة حرب” بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بينما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 القرار 2675 الذي ينص على أن “منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية”، ولذلك “لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذي يعملون بصفة إنسانية”.

منذ بداية عدوانه على قطاع غزة في السابع من الشهر الجاري، قصف الاحتلال الإسرائيلي مستشفى بيت حانون وهو الوحيد في المدينة، ومستشفى الكرامة في شمال القطاع، ومستشفى الدرة للأطفال شرق غزة بقنابل الفوسفور الأبيض المحرم دوليا، وأخرجها من الخدمة.

الاحتلال ارتكب في الـ 17 من هذا الشهر مجزرة وحشية في مستشفى المعمداني بمدينة غزة، راح ضحيتها نحو 500 شهيد ومئات الجرحى معظمهم من النازحين الذين لجؤوا إليه من قصف الاحتلال، وواصل استهداف المستشفيات بالقصف وبمنع إدخال الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية إليها، ما تسبب بخروج 12 مستشفى و32 مركزاً للرعاية الأولية من الخدمة، في حين استشهد 116 من الطواقم الطبية، وتم تدمير 25 سيارة إسعاف، الأمر الذي أدى إلى انهيار المنظومة الصحية في القطاع، وعدم قدرتها على تقديم العلاج لأكثر من 20 ألف جريح، فضلا عن آلاف المرضى.

مجزرة جديدة بحق المستشفيات يهدد الاحتلال بارتكابها في مستشفى القدس في القطاع، والذي يتلقى العلاج فيه مئات الجرحى والمصابين والمرضى، كما يؤوي 12 ألف نازح لجؤوا إليه، حيث أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم أنه تلقى تهديدات شديدة اللهجة بالإخلاء الفوري للمستشفى التابع له تمهيدا لقصفه، مبينا أن محيط المستشفى يتعرض منذ الصباح لغارات متواصلة أدت إلى تدمير عدد من المباني المحيطة به لمسافة 50 مترا.

الهلال الأحمر الفلسطيني طالب المجتمع الدولي بأسره، ومؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ مستشفى القدس وباقي مستشفيات قطاع غزة من الاستهداف والقصف، ومنع حدوث مجزرة جديدة مماثلة لمجزرة مستشفى المعمداني.

تهديدات الاحتلال بقصف مستشفى القدس، كان سبقها تهديد مماثل قبل يومين لمستشفى الشفاء أحد أهم وأكبر مستشفيات القطاع، حيث زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الفاشي في تدوينة على منصة “اكس” استخدام المقاومة الفلسطينية المستشفى كمقر لها، وهو ما نفته المقاومة بشكل قاطع، مؤكدة أن المستشفى يعمل فقط في المهمات الطبية والصحية لتقديم المساعدة للضحايا، وأن ادعاءات الاحتلال كاذبة، وتعد جزءا من الدعاية الصهيونية لاستهداف المستشفى، وارتكاب مجازر أخرى ضد الطواقم الطبية وآلاف الجرحى والمرضى وأكثر من 60 ألف نازح في ساحاته وأروقته لإخراج المستشفى من الخدمة.

مدير المكتب الإعلامي في غزة سلامة معروف أشار إلى أن الاحتلال دأب على كيل الاتهامات لمستشفى الشفاء منذ سنوات والأمر ليس جديدا، رغم أن كل شخصيات المقاومة التي اغتالها خلال السنوات الماضية، لم يكن واحد منها داخل مستشفى الشفاء أو في محيطه، ورغم ذلك يستمر الاحتلال بترديد الأسطوانة المشروخة ذاتها، لا لشيء إلا للوصول إلى أعلى درجة من الإجرام واستهداف المستشفى، ضمن المحرقة المتواصلة بحق أهالي القطاع لليوم الثالث والعشرين.

وفند معروف أكاذيب الاحتلال حول مستشفى الشفاء، وأولها كذبة مقار المقاومة التي زعم أنها تحت المستشفى، مبينا أن الفيديو الذي عرضه الاحتلال يمكن لكل مبتدئ في المونتاج تنفيذ مثله، وأنه لا يوجد متر واحد إلا ويمتلئ بالكوادر الطبية وآلاف الجرحى والمرضى، فضلا عن أن طيران الاحتلال المسير يحلق بشكل لحظي فوق المستشفى الذي يمتلئ بعشرات كاميرات التلفزة العالمية مفتوحة البث على مدار اللحظة لنقل وبث كل ما يدور فيه.

وبين معروف أن المناطق التي حددها الاحتلال باللون الأحمر واعتبرها أماكن تواجد للمقاومة هي: مبنى الاستقبال والطوارئ، ومبنى العناية والجراحات التخصصية، والحضانات، والعيادات الخارجية، وغسيل الكلى، وجميع هذه المرافق تعج بمئات المرضى والجرحى والكوادر الطبية والنازحين، والجميع يعلم أن نسبة إشغال الأسرة في المستشفى وصلت إلى 170 بالمئة، ومن يتجول في أروقته وغرفه وممراته لن يجد شبرا فارغا من الناس.

أكاذيب الاحتلال الفاشي وادعاءاته المتتالية توطئة وتمهيد لقصف مستشفى الشفاء في محاولة لتكرار المجزرة التي ارتكبها في مستشفى المعمداني، بعد أن قام بحملة دعائية مماثلة سرعان ما انفضح كذبها أمام العالم، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي التحرك الفوري لمنع الاحتلال من تنفيذ تهديداته بقصف مستشفيات غزة المتبقية في الخدمة، وفي مقدمتها مستشفى الشفاء الذي يعد الركيزة الأساسية في المنظومة الصحية في القطاع، لأن أي استهداف له يعني انهيارا تاما لهذه المنظومة، وحكما بالإعدام على كل مريض وجريح حالي أو متوقع في ظل استمرار العدوان، وعندها لن تنفع بيانات الإدانة والشجب والاستنكار التي ستتسابق الدول لإصدارها.