الاحتلال يقطع أوصال الضفة الغربية محولاً إياها إلى سجون

تضييق كبير يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية، محولاً مدنها وبلداتها إلى سجون، مثلما حول قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم.

فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من الشهر الجاري، صعدت قواته وعصابات مستوطنيه جرائمهم بحق الفلسطينيين فيه، من خلال حملات الاقتحام والاعتداءات التي أسفرت عن استشهاد 104 فلسطينيين، وإصابة أكثر من 1000، إضافة إلى اعتقال الآلاف، وتقطيع أوصال الضفة بالحواجز، لفرض المزيد من القيود على الحركة.

قوات الاحتلال أغلقت بشكل كامل مداخل أغلبية مدن وبلدات وقرى الضفة، ليس بالحواجز العسكرية فقط، بل بسواتر ترابية ومكعبات إسمنتية وبوابات حديدية، وبلغ عدد الحواجز التي يقيمها الاحتلال في الضفة قبل العدوان على غزة 567، منها 77 حاجزاً رئيسياً، و490 حاجزاً تشمل “سواتر ترابية، ومكعبات إسمنتية، وبوابات حديدية”.

وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن سلطات الاحتلال أضافت منذ بدء العدوان أكثر من 140 حاجزاً جديداً، بهدف عزل مداخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية ومنع التواصل بينها، وتقييد حركة الفلسطينيين، ومنعهم من استخدام الكثير من الطرق وتخصيصها للمستوطنين فقط.

في قرية عورتا جنوب نابلس، تبدو الصورة جلية لسياسة الفصل العنصري التي انتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق الضفة الغربية، بعدما أغلق الاحتلال جميع مداخل القرية بالسواتر الترابية، وأبقى على “حاجز عورتا العسكري” كمنفذ وحيد مع محيطها الخارجي، كما يقول رئيس مجلس القرية سعد عواد لوكالة وفا، موضحاً أن حاجز الاحتلال العسكري بات عنق الزجاجة للقرية، بعدما قطع الاحتلال تواصلها مع العالم الخارجي، حيث أغلق كل الطرق المؤدية إلى بلدات “حوارة وبيتاً وأودلا”، بالسواتر الترابية.

وبين عواد أن بوابة القرية تحولت منذ بداية العدوان إلى ممر لتنقل الفلسطينيين بين مدن وبلدات شمال الضفة الغربية ووسطها، بعدما أغلق الاحتلال الطريق الواصل بين حاجزي حوارة وزعترة العسكريين، ومنع المركبات الفلسطينية من المرور عبرهما، لكن تلك البوابة تتعرض لإغلاق مفاجئ، ما يؤثر على كل القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية، وقال عواد: 8000 فلسطيني يعيشون في سجن كبير.. ما فعله نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا نقطة في بحر ما يفرضه الاحتلال ومستعمروه على الأرض ضمن سياسة العقاب الجماعي.

حال عورتا لا يختلف عن حال عدة قرى وبلدات في نابلس، أغلقت قوات الاحتلال مداخلها الرئيسة بالبوابات الحديدية، والطرق الفرعية بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية، مثل حوارة وبيتا والساوية وقبلان واللبن الشرقية ودير شرف، وحاجز صرة العسكري غرب المدينة.

مؤسسات حقوقية فلسطينية، أفادت بأن قوات الاحتلال شددت منذ بدء العدوان على القطاع تطبيق نظام الفصل العنصري على الطرق في الضفة الغربية، وذلك ضمن مخطط ليس جديداً، تسعى (إسرائيل) من خلاله إلى الفصل التام في استخدام الطرق في الضفة الغربية، بين الفلسطينيين أصحاب الأرض وعصابات المستوطنين.

إبراهيم عاصي رئيس بلدية قراوة بني حسان أوضح أن قوات الاحتلال وضعت مكعبات إسمنتية على مدخل بلدتي قراوة وحارس غرب سلفيت، إضافة إلى بوابة حديدية أقامها خلال انتفاضة الأقصى في المنطقة، لتضاعف معاناة الفلسطينيين في7 قرى غرب المدينة، وللتحكم في حركتهم خلال تنقلهم بين بلدات المدينة وقراها، مشيرا إلى أن مدخل قراوة يعتبر ممراً رئيسياً بالنسبة إلى البلدات الواقعة غرب سلفيت “قراوة وبديا ومسحة وسرطة والزاوية”، والمنفذ الوحيد المؤدي إلى مدينتي سلفيت ونابلس، وبالتالي إغلاق المدخل يؤدي إلى شل الحركة والتنقل.

إجراءات الاحتلال العنصرية التي حولت الضفة الغربية إلى جزر مفصولة، تعيد إلى الأذهان سياسة العقاب الجماعي التي انتهجها الاحتلال إبان اجتياح الضفة خلال انتفاضة الأقصى قبل 23 عاماً، كما يوضح عماد أبو هواش الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمدينة الخليل، حيث قسمت قوات الاحتلال المدينة إلى جزر مفصولة، وضاعفت عدد البوابات الحديدية والسواتر الترابية على مداخل بلدات الخليل وقراها منذ بدء العدوان على غزة محاصرة 800 ألف فلسطيني يعيشون فيها بـ 20 حاجزاً عسكرياً ثابتاً، وأكثر من 70 حاجزاً متنقلاً.

وأشار أبو هواش إلى أن الاحتلال عطل الحياة في الخليل والبلدات والقرى التابعة لها، حيث أصبحت الحركة مغامرة بالحياة، إذ تطلق قوات الاحتلال الرصاص على المركبات، وتعتقل كل من يتحرك في الشوارع المغلقة، أو يسلك طرقاً فرعية، مبيناً أن الاحتلال أعاد فرض قيود كان فرضها خلال انتفاضة الأقصى، مثل منع التجول، وحدد ما بين الساعة الـ 7.30 والثامنة صباحاً فقط للخروج من المنطقة، والعودة إليها فقط بين السابعة والثامنة مساء.

وفي ظل إجراءات الفصل العنصري والعقوبات التعسفية الجماعية التي يفرضها الاحتلال على الضفة، بات أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني عالقين ومحاصرين بل رهائن لهذه الإجراءات التي جعلت تنقلهم صعباً، بل مستحيلاً بين مدنهم وبلداتهم، ورغم كل هذه الممارسات العدوانية العنصرية، يؤكد الشعب الفلسطيني أنه باق في أرض وطنه، ولن يذهب إلى أي مكان آخر، وأن الاحتلال زائل لا محالة، ولن يتمكن من كسر إرادته، وثنيه عن مواصلة النضال والمقاومة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة.