“لا مكان أكثر عزلة في الكون من سرير طفل جريح لم يعد له عائلة تعتني به” هكذا حاول طبيب فلسطيني في قطاع غزة وصف شعور الأطفال الذين نجوا من مذابح “إسرائيل” التي تستهدف الأطفال بشكل رئيسي منذ 25 يوماً
عدد الأطفال الشهداء خلال 3 أسابيع فقط في قطاع غزة تجاوز عدد الأطفال الذين قتلوا في مناطق النزاع حول العالم على مدار عام كامل، وخلال السنوات الثلاث الماضية وفقاً لمنظمة (أنقذوا الأطفال) الدولية.المنظمة ومقرها لندن أوضحت في إحصائية جديدة نشرت على موقعها أن نسبة الأطفال الذين يرتقون جراء القصف الإسرائيلي المتواصل الذي دمر أحياء سكنية بأكملها في غزة تتجاوز 40 بالمئة من عدد الشهداء الإجمالي الذين تجاوز عددهم 8306، مشيرة إلى أن يد “إسرائيل” التي تقطر بدم الفلسطينيين لم تكتف بقتل أطفال شمال غزة، بل طال إجرامها عشرات آخرين في جنوب القطاع وفي الضفة الغربية.حصيلة شهداء الأطفال ليست نهائية حتى الآن وفقاً للمنظمة، حيث تشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى استشهاد 3457 طفلاً، بينهم 3195 على الأقل في غزة و33 في الضفة الغربية لكن هذه الأرقام أقل بكثير من الواقع فهناك أكثر من ألف طفل ممن قضوا مع عائلاتهم تحت أنقاض منازلهم، ولم يتمكن أحد من انتشال جثثهم حتى الآن مع تواصل القصف الإسرائيلي وبعضهم تحول إلى أشلاء فلم تعرف هويته.
التقارير السنوية الثلاثة الأخيرة الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة تشير إلى مقتل 2985 طفلاً في 24 دولة خلال عام 2022 و2515 عام 2021 و2674 في عام 2020، إضافة إلى مقتل 4019 طفلاً عام 2019 وحصيلة كل منها خلال عام كامل أقل بكثير من حصيلة الأطفال الذين ارتقوا في غزة في غضون ثلاثة أسابيع فقط.ومع إعلان “إسرائيل” الصريح عزمها استهداف المشافي المتبقية في قطاع غزة وبدئها عدواناً برياً على القطاع دعت المنظمة إلى وقف فوري لإطلاق النار وأشار مديرها في فلسطين المحتلة جيسون لي إلى أنه خلال ثلاثة أسابيع تم انتزاع الأطفال من عائلاتهم وتمزيق حياتهم بمعدل لا يمكن تصوره، مبيناً أن الأرقام مروعة وتزداد على مدار الساعة.وقال لي: “هذه انتهاكات جسيمة ويجب على المجتمع الدولي أن يضع الناس قبل السياسة ويجب حماية الأطفال في جميع الأوقات، وخاصة عندما يبحثون عن الأمان في المدارس والمستشفيات”.
هذه المستشفيات التي تحولت إلى نقطة استهداف رئيسية للقصف الإسرائيلي ترتكب فيها “إسرائيل” مذابح جماعية ضحاياها في معظمهم أطفال ونساء ممن حاولوا إيجاد ملاذ بعد أن دمرت قوات الاحتلال منازلهم وأحياءهم.وباعتراف الأمم المتحدة فإن خطر استشهاد الأطفال جراء الإصابات خلال القصف الإسرائيلي كبير للغاية في ظل انهيار القطاع الصحي في غزة بسبب قطع “إسرائيل” الكهرباء والوقود والأدوية والمعدات الطبية، في حين أشارت منظمة أطباء بلا حدود إلى أن النقص في أدوية التخدير الناتج عن الحصار الإسرائيلي يعني بتر أطراف الأطفال دون تخفيف الألم.
استهداف قوات الاحتلال للأطفال ليس جديداً بل هو نهج رئيسي لسياسة “إسرائيل” التي تحاول القضاء على الطفولة ومستقبلها في فلسطين المحتلة وكثيرة هي الجرائم التي ارتكبتها بحق الأطفال ويندى لها جبين البشرية بما فيها إطلاق النار على الطفل محمد الدرة البالغ من العمر 11 عاماً، وهو بحضن والده عام 2000، والرضيعة إيمان حجو التي لم تكمل الـ 4 أشهر، حيث اخترقت جسدها الصغير إحدى شظايا الدبابات في مخيم خان يونس، وهي في حضن والدتها، وفي عام 2014 ارتكبت “إسرائيل” مذبحة بحق أطفال عائلة بكر، حيث وجهت زوارق الاحتلال البحرية قذائفها نحو أربعة أطفال يلعبون على الشاطئ وحولتهم إلى أشلاء.القصف الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى المعمداني كان من أحدث حلقات الإجرام الإسرائيلي بحق أطفال فلسطين، حيث تسبب بارتقاء مئات الشهداء معظمهم من الأطفال والنساء الذين احتموا بالمستشفى خوفاً من الغارات الإسرائيلية.
سانا