تنور “شام”… مشروع منكه برائحة الأرض لجريح الوطن حسام جنيدي

على الطريق الواصل بين محافظات “حماة وحمص وطرطوس” وعلى قمة جبلية عالية ترصد جمال الطبيعة في مشتى الحلو بريف طرطوس، تفوح رائحة فطائر تنور “شام” الذي أسسه جريح الوطن حسام جنيدي الذي يؤمن من خلاله مصدر رزقه.

الجريح جنيدي الذي أمضى سنوات طويلةً في صفوف الجيش العربي السوري تعرض لإصابات عدة بمواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة، عانى خلالها آلاماً كثيرةً وصلت حد العجز واستخدام الكرسي المتحرك وبعده العكازات، لكنها لم تمنعه حسب تعبيره من النهوض من جديد والتمسك بإرادة الحياة والتفكير بالمستقبل له ولعائلته، الذي لطالما كان مشرقاً بنظره رغم كثرة الجراح وعمقها.

بداية العمل بالمشروع كانت قبل ثلاث سنوات، كما أوضح خلال حديثه لمراسل سانا ، حيث إنه اختار هذا العمل لأنه يناسب وضعه الصحي لعدم قدرته على القيام بأعمال مجهدة، مبيناً أنه قام بنفسه بتطويع الحجارة في المكان الذي اختاره لإقامة المشروع، وأنه بدأ بتنور واحد وطاولة وخيمة مصنوعة من القصب.

وسرعان ما اكتسب جنيدي ثقة أهل البلدة لكون المعجنات التي يقدمها مصنوعةً يدوياً بالكامل وامتازت بنكهة خاصة معشقة برائحة أعواد الغار والبلوط والسنديان، مشيراً إلى أن المواد الأولية والخلطات يتم تجهيزها في المنزل بمساعدة والدته، إضافةً إلى الخضراوات التي يتم جني قسم منها من أرضه والباقي من السوق المحلي.

اللقمة الطيبة والكلمة الجميلة والابتسامة التي لا تفارق وجه جنيدي عوامل ساعدت على نجاح مشروعه وجذب الزوار والزبائن من مناطق مختلفة لتذوق المعجنات بأنواعها، ما دفعه إلى إنشاء تنور آخر وتوسيع عدد الطاولات لاستقبال أكبر عدد ممكن من الزبائن وتجنباً للازدحام، ما وفر فرص عمل لأربع عائلات تعمل معه.

توسع عمل التنور والصدى الجميل الذي وصل إليه يعودان لدعم أهل منطقة مشتى الحلو والقرى المجاورة له وجميع من يزور المشروع، حيث بين جنيدي أن التفاصيل الصغيرة التي بني بها التنور كالبساطة والهدوء والجو العائلي إضافةً إلى تناول الطعام المصنوع بمكونات طبيعية والمجبول بالمحبة والابتسامة التي ترافقهم جميعاً، هي عوامل أساسية في النجاح والاستمرار.

مشاعر الفرح التي تغمر جنيدي اليوم بنجاح مشروعه دفعته لدعوة رفاقه الجرحى إلى زيارته في مشروعه، موجهاً رسالةً لهم بعدم الاستسلام للجراح والسعي إلى مواجهة تحديات الحياة وظروفها والعودة للعمل والبناء، فالوطن الذي بذلوا من أجله الدماء مازال ينتظر منهم العودة للحياة والعمل.