كتاب ومحللون سياسيون لـ سانا: قمة جدة تؤسس لتحالف عربي أساسه التنمية والأمن والاستقرار

أُسدل الستار عن القمة العربية الـ 32، التي استضافتها مدينة جدّة السعودية يوم الجمعة الماضي، وسط توقعات بأن تؤسس هذه القمة لمرحلة جديدة من التعاون المشترك بين الدول العربية، والإرادة الحقيقية على التخلص من خلافات الماضي والتطلع نحو المستقبل، وهو ما أكد عليه عدد من الكتاب والباحثين والمحللين السياسيين.

الكاتب والمحلل السياسي السعودي علي الجاسم أكد في تصريح خاص لـ سانا أن الأجواء التي سبقت القمة كانت تشير إلى نجاحها قبل انعقادها، وهذا تجسد من خلال استئناف اجتماعات سورية في جميع منظمات وهيئات الجامعة العربية، وانعكس من خلال الترحيب الذي لمسناه في كلمات ملوك ورؤساء وقادة الدول العربية.

وقال الجاسم: “الجميع يُدرك أهمية المرحلة التي تعيشها المنطقة العربية، استناداً إلى ما يجري على الساحة الدولية، وخاصة الأزمة الأوكرانية التي سرعت بظهور نظام عالمي جديد قائم على التعددية، ومن قبلها بروز منظمات شكلت مناطق اجتذاب لجميع الدول مثل منظمتي بريكس وشنغهاي، بالإضافة إلى بروز معطيات اقتصادية وأيديولوجيات شكلت انقساماً في العالم”.

وأضاف الجاسم: إن جميع الدول العربية أدركت خطورة اللحظة التاريخية المهمة وضرورة أن يكون لهم موطئ قدم في المرحلة المقبلة، وأعتقد أن العرب سيتجهون الآن نحو عمل مشترك أكثر جدية لإيمانهم أنه لا يمكن لأي دولة عربية أن تظل بمعزل عن محيطها.

وأشار الجاسم إلى أن سورية بلد مؤسس لجامعة الدول العربية وقرارها باسئناف الاجتماعات يدشن لمرحلة جديدة ومهمة في التاريخ العربي شعارها الأمن والاستقرار.

من جهته اعتبر الدكتور محمد بن صالح الحربي المتخصص بالدراسات الاستراتيجية والعلوم السياسية في تصريح مماثل أن قمة جدة تشكل عودة للأعماق الاستراتيجية والمجالات الحيوية، وهي قمة تاريخية وواحدة من أهم القمم التي عقدتً، وخاصة أنها التأمت وسط أحداث متلاحقة ومتسارعة يمر بها العالم كأزمات الطاقة والغذاء وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح الحربي أن المنطقة العربية ومن خلال هذه القمة بدأت مرحلة جديدة في تصفير المشاكل البينية والانطلاق نحو التعاون والتحالف لتحقيق التنمية الشاملة، وقال: نحن لا نملك رفاهية الوقت والاختيار أمام كل ما يجري، لذلك فإن العمل خلال القمة جرى ببراغماتية ووضوح وشفافية، ووضع جميع الملفات على الطاولة للبحث والنقاش.

وأشار الحربي إلى أن الملفات المطروحة على القمة كانت كثيرة ومعقدة لكن استئناف سورية اجتماعاتها في الجامعة العربية خطوة مهمة جداً، تعطينا الطموح والأمل والإيجابية دائماً.

بدوره رأى المحلل السياسي بالشؤون العربية فهيم بن حامد الحامد أن المشاركة الكبيرة للملوك والرؤساء والقادة في قمة جدة تؤكد وجود تصميم وإرادة لدى صُناع القرار في المنطقة العربية برمي الخلافات وإعادة ترميم العلاقات البينية، مشيراً إلى أن فلسفة المملكة العربية السعودية الآن قائمة الآن على تصفير الأزمات والحيلولة دون توسعها وإعادة لم الشمل العربي، وهو حراك مبني على وضع مصالح الشعوب فوق كل اعتبار.

وقال الحامد: اليوم على الدول العربية أن تخرج من دائرة العداء، وأن تتعامل مع الخلافات كرزمة ومع القواسم المشتركة كرزمة من أجل التوصل إلى حلول مشتركة، وذلك عبر “عربنة” مشاريع الحلول للمشكلات التي تواجه أمتنا العربية ورفض “غربنتها”، موضحاً أن الغرب أدخل سورية والعراق واليمن في حروب بالوكالة، ثم نأى بنفسه بعد أن أغرق المنطقة بالفوضى والصراعات.

الكاتب والصحفي السعودي محمد الساعدي وصف قرار سورية استئناف مشاركتها في اجتماعات جامعة الدول العربية بالمهم جداً على جميع المستويات، فالعمل العربي والإجماع العربي لا يمكن أن يلتئما إلا بوجود سورية، سورية الكبيرة بوجداننا وبإرثها السياسي والاقتصادي.

واعتبر الساعدي أن القمة العربية في جدة بداية الطريق وبالتالي أمام الدول العربية المزيد من الخطوات العملية والإرادة من أجل الوقوف صفاً واحداً ومواجهة جميع التحديات التي تواجهنا.