تسريبات وثائق البنتاغون الأخيرة التي تنظر إليها الولايات المتحدة على أنها من أخطر الخروقات التي تستهدف أمنها القومي منذ تسريبات ويكيليكس عام 2013 تؤكد أن واشنطن شريك لا يمكن الوثوق به، فهي تتجسس على الحلفاء كما الأعداء، وتثبت ما حذرت منه روسيا مراراً من وجود دور فعلي لحلف شمال الأطلسي “ناتو” في الأزمة الأوكرانية.
وتشمل الوثائق المسربة البالغ عددها أكثر من 100 وثيقة عدداً من الملفات، منها ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وتحليلات من وكالات الاستخبارات الأمريكية وإيجازات صحفية سرية عن روسيا والصين والشرق الأوسط والمسرح العسكري في منطقة الهند والمحيط الهادئ.
مجموعة من الوثائق المسربة توضح بالتفصيل خططاً تتعلق بمحاولة القوات الأوكرانية شن هجوم ضد روسيا في الربيع، وتحتوي على معلومات مختصرة حول 12 لواء أوكرانيا قيد التشكيل، 9 منها تم تدريبها وتزويدها بالعتاد من قبل الولايات المتحدة وحلفاء “الناتو” الآخرين، كما تفترض المواد المسربة أنه من المتوقع أن تكون 6 من هذه الألوية التسعة جاهزة بحلول الـ 31 من آذار، والباقي بحلول الـ 30 من نيسان، وتشير الوثائق إلى الحاجة لأكثر من 250 دبابة و350 مدرعة لهذه التشكيلات.
وكشفت إحدى الوثائق التي صنفت بعلامة “سري للغاية” أن مجموعة من 100 فرد من العمليات الخاصة لأعضاء الناتو “الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ولاتفيا” نشطة بالفعل على الأرض في أوكرانيا.
وثائق أخرى وصفت حالة الجيش الأوكراني حيث توضح إحداها مؤرخة في الـ 23 من شباط، وتحمل علامة “سري” بالتفصيل كيف سيتم استنفاد أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية “إس300” بحلول الثاني من أيار، وفقاً لمعدل استخدامها الحالي.
وثائق أخرى عرضت معلومات سرية عن استعداد “إسرائيل” لتزويد أوكرانيا بأسلحة نوعية على الرغم من ادعائها أنها ليست طرفاً في الحرب.
وهناك وثائق تكشف تجسس الولايات المتحدة على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي أعلن أنه لم يتفاجأ بهذا الأمر، واصفاً إياه بالمتوقع، فيما سادت خيبة أمل كبيرة في أوساط المسؤولين الأوكرانيين عقب تلقيهم هذه الأنباء.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف قال: إن التسريبات مثيرة للاهتمام، وتتم دراستها وتحليلها بدقة كبيرة، كما يتم تداولها ومناقشتها على نطاق واسع.
وكشفت وثائق مسربة تجسس واشنطن على مسؤولين في كوريا الجنوبية، حيث تتضمن تفاصيل متعلقة بمناقشات خاصة دارت بين كبار المسؤولين الكوريين بشأن الضغط الأمريكي على الحليف الآسيوي للمساعدة في إمداد أوكرانيا بالأسلحة وسياسة سيئول القائمة على ألا تفعل ذلك.
ودعا الحزب الديمقراطي الكوري الجنوبي أكبر أحزاب المعارضة رئاسة البلاد إلى المطالبة بشكل عاجل من واشنطن بمعلومات واضحة بشأن ما ورد في الوثائق.
وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي بارك هونغ كيون: إذا كان التقرير صحيحاً فسيكون تصرفاً لا يمكن قبوله أبداً بين حلفاء على مدى 70 عاماً وانتهاكاً للسيادة وخداعاً دبلوماسياً يدمر الثقة الثنائية بشكل مباشر.
وزارتا العدل والدفاع الأمريكيتان أطلقتا تحقيقات في تسريب الوثائق، فيما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أمريكيين أنه جرى تزوير بعض هذه الوثائق لكن معظمها أصلية وتتوافق مع تقارير لوكالة الاستخبارات المركزية متداولة في البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية.
محللون وخبراء شككوا في صحة الوثائق المسربة، معتبرين أنها محاولة أمريكية للتضليل وخاصة أنها احتوت على معلومات خاطئة بشأن تمركز القوات الروسية، بينما رأت صحيفة غلوبال تايمز الصينية أن تسريب الوثائق قد يكون ناتجاً عن انقسام سياسي داخل الولايات المتحدة وقامت به قوى تسعى إلى مراجعة خطة واشنطن الحالية لدعم نظام كييف.
الصحيفة أوضحت أن هناك خلافات قديمة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن الثمن الذي يجب أن تدفعه واشنطن مقابل دعمها لكييف في معركتها ضد موسكو، مشيرة إلى أن العديد من الساسة الأمريكيين يفقدون الثقة باحتمال هزيمة موسكو بالكامل، فلذلك من الممكن أنهم سيرغبون باستخدام هذه التسريبات لتدمير الخطة الحالية لدعم أوكرانيا.