تحضير كعك العيد بين المشروعات الصغيرة والطقس الاحتفالي

تحضير كعك الأعياد تراث سوري عريق ضارب في القدم، إذ عُثر في مواقع أثرية سورية عديدة على قوالب صنعه وعلى بقايا منه تؤكد أن الآراميين والفينيقيين صنعوه بطريقة تقارب الطرائق التي نستخدمها اليوم في تحضيره.

واستخدم السوريون في تحضير كعك العيد مواد تنتجها أرضهم فحمل نكهتها من الطحين والزيت والسميد والشمرا وحبة البركة واليانسون وغيرها، وبقيت طريقة صنعها ثابتة عبر العصور مع مواكبة التطورات والظروف، كما نجده في بعض المحافظات حيث قامت سيدات بتحويل تحضير كعك العيد من طقس احتفالي إلى مشروع تجاري.

في حمص شرعت سيدات وشابات بتنفيذ مشروعات صغيرة عبر إعداد كعك العيد ضمن منازلهن للزبائن وبأبسط الأدوات متحلين بالمهارة والبراعة في صنعها وتوفير الوقت والجهد على طالبيها.

وتقول في هذا الصدد لينا محمود (أم لأربعة أولاد): “انطلقت بمشروعي منذ أربعة أشهر في صناعة أقراص العيد، وفوجئت بالإقبال الكبير حيث وصلت إلى إنتاج حوالي مائة كيلوغرام من الأقراص لزوم العيد” لافتة إلى أن العمل عزز لديها ثقتها بنفسها وشجعها على تطويره بالمستقبل وتشغيل يد عاملة ولاسيما إذا وجدت الدعم الكافي من المصارف المتخصصة بالأقراض لتأمين مستلزمات الإنتاج.

أما الشابة هبة معروف (خريجة جامعية وتعمل بتدريس اللغة العربية) فتقول “سعيت للاستفادة من مهارتي في إعداد الحلويات فبدأت منذ فترة قليلة الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستقبلت الكثير من الطلبات خلال شهر رمضان، وصرت أعد عشرين كيلوغراماً يومياً من الأقراص بمساعدة والدي الذي يمتلك المهارة في الطبخ بكل فنونه” مشيرة إلى أن نجاح مشروعها سيجعلها تقوم بتوسيعه مستقبلاً بمساعدة أسرتها.

هذا في مراكز المدن أما في الأرياف فلا يزال تحضير العيد عادة اجتماعية تشترك فيها كل نساء العائلة والأقارب حيث يجتمعن عند الأكبر سناً، ويصنعن معاً كميات تكفي الجميع كما في منطقة سلحب بريف حماة الغربي.

وتقول أم محمود: “في العيد نصنع الكعك إضافة إلى المعمول حيث يحظى تحضيرها بطقوس خاصة تُقوي أواصر المحبة بين الأهل وصلة الرحم بينهم من خلال اجتماع بناتي وكناتي، ونتشارك في تصنيع الأقراص وسط أجواء يملؤها المرح والمتعة وتحضر معها ذكريات العائلة وحنين الماضي”.

ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلا أن أم محمود تُصر على أن يطل عيد الفطر السعيد حاملاً معه السعادة والبهجة لأبنائها وأحفادها من خلال تحضيرها لهم حلويات العيد، مشيرة إلى أن صناعة أقراص العيد موروث شعبي قديم فهو حلوى رئيسية تتزين بها الموائد لاستقبال الضيوف والأجمل رائحة الحلوى التي يفوح عبقها في شوارع وأحياء منطقة سلحب.

وعن تحضير أقراص العيد تقول: “نحضر في سلحب بمناسبة قدوم العيد المرشم أو ما يعرف المرقد وهو عبارة عن صنف معجنات قوامه الطحين والسميد والسكر وزيت الزيتون وحبة البركة والشمرا حيث يتم عجنها وتخميرها حتى ترقد جيداً قبل خبزها بالفرن وتقديمها مع القهوة والشاي”.