وجهة نظر : نسمع طبول الحرب ولكن أي حرب هي الحرب الاقتصادية بشكل عام وحرب العملات بشكل خاص ، وهذا يذكرنا بما قاله ( جوزيف شومبيوتر ) العالم الاقتصادي والإداري حيث قال بما معناه [ إن التاريخ وكل شيء للشعوب مدون في تاريخها المالي ، وهو السجل الذي يتيح لكل من يصغي إليه أن يميز أصوات الرعود التي طالما دوت في التاريخ البشري ]،وكما قال السياسي الأمريكي الديمقراطي ( ويل روجرز ) بتأكيده [ لعل أعظم الإنجازات في التاريخ البشري تلك المتمثلة في اكتشاف النار واختراع البكرة وابتكار البنك المركزي ] ، فالبنك المركزي هو راسم السياسة النقدية وهو بنك البنوك والمسؤول عن أسعار الصرف وإدارة الاحتياطيات النقدية …الخ ، فالدولار لم يعد مأمونا في ظل التغيرات الاقتصادية الدولية وكما قال الاقتصادي الأمريكي الكندي (جون كينيث غالبريت ) بقوله [ لطالما ارقت النقود الناس بصورة أو بأخرى ، فهي إمّا متوفرة لكنها غير مأمونة العواقب ومحل ثقة لكنها شديدة الندرة ] ، فهل ينطبق هذا على الدولار الأمريكي ؟ ، تؤكد الوقائع أنه تراجع التعامل به عالميا حتى بالاحتياطيات النقدية منم /80%/ في القرن الماضي إلى /58%/ سنة /2023 / ، وهو أدنى مستوى منذ سنة /1995/ حسب مجلة ( لوفيغارو الفرنسية ) ، كما دعا الخبير الروسي في سوق الأوراق المالية السيد ( ميخائيل زلستر ) إلى الاستثمار في الروبل واليوان الصيني وشراء سندات الشركات الروسية المربوطة بهذه العملات. فهل يتعظ راسمي السياسات النقدية العالمية بتاريخ ( الرعود النقدية ) وباللغة الرقمية أنه في سنة /1945/ وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد اجتماعات ( بريتون وودز ) في أمريكا تقرر أن يكون [ سعر أونصة الذهب /31/ غرام يعادل /35/ دولار تقريبا ] أي أن سعر صرف الدولار بالذهب يعادل [ 35÷31=1،13غرام ذهب ] وهو ما دعي بالدولار الذهبي ، وتعهدت أمريكا باستبدال كل دولار بما يعادل /1،13/ غرام ذهب ، أما الآن فسعر اونصة الذهب بتاريخ 20/4/2023 هو /1996/ دولار أي ان سعر الدولار يساوي ( 1996÷31=64،4 دولار ؟] ، وقد بدأ التذبذب في أسعار الدولار بعد تعويمه وإلغاء الدولار الذهبي بتاريخ 15/8/1971 بعد محاولة الرئيس الفرنسي ( شارل ديغول ) باستبدال مليارات الدولارات بالذهب ولكن الإدارة الامريكية رفضت ذلك وكانت أكبر عملية خرق نقدية في العالم ، وبموجبها اتخذ الرئيس ( نيكسون ) قرار الغاء الدولار الذهبي وأوقف العمل باتفاقية بريتون وودز !، حيث أقدم نيكسون على هذه الخطوة الخطيرة والمفاجئة بعد أن اضطرت الولايات المتحدة إلى طبع المزيد من الدولارات الورقية غير المدعومة بالذهب لتسديد خسائرها ونفقاتها في حرب فيتنام، ونجم عن ذلك بطالة وكساد وركود في الاقتصاد الأمريكي، حيث بلغ حجم العملات المتداولة في الأسواق العالمية (300) مليار دولار، بينما كان حجم احتياطي الذهب لا يزيد على (14) مليار وفقاً للسعر الرسمي الذي أقرته اتفاقية (برايتون وودز).وما يعقد الأمور أن البنك الفيدرالي الأمريكي الذي تأسس سنة /1913/ من قبل الطغمة الامريكية المتمثلة بالعائلات الثلاث ( مورجان وفورد روكفلر) وغيرهم من كبار المتمولين الأمريكان، مع بعض المشاركين من المصرفيين العالميين كعائلة (روتشيلد والكرسي البابوي) ، فهذا المصرف غير حكومي ولكنه ينسق مع ( الخزينة الامريكية )كمستشار وليست صاحبة قرار ، وأكثر من هذا يوجد سبعة /7/ أشخاص واقعياً يتحكمون باقتصاد العالم، لأن قرارهم يحدد حجم تداول الدولار وسعر الفائدة، وهذين الأمرين كافيين للسيطرة على النظام العالمي المالي، وعلى أسواق تداول العملات في (نيويورك وباريس ولندن وطوكيو) وغيرها .ومعروف أن أمريكا الآن هي أكبر دولة مدينة في العالم ، وقد تجاوزت سقف الدين المسموح به ووصل على أكثر من /109%/ وهذا أثار خلاف كبير بين الجمهوريين والديمقراطيين ، فهل تتجه الإدارة الامريكية للتبرؤ من البنك الفيدرالي ودولاره او تتلاعب بقيمته أو تشن حربا وتربط تواجده بالتعامل بالدولار كما يذكر الكاتب (روبير ألبير ) في كتابه لعبة النقود الصفحة /65/ بقوله أنه في سنة /1965/ [ كان حجم الحشود الامريكية في ألمانيا مرتبطا بتعهد ألمانيا بالاحتفاظ بالدولار وعد الاكثار بالشراء من الذهب بل بشراء سندات الخزينة الامريكية ]؟!، أم الان فإن اغلب دول العالم تميل إلى التعامل بعملاتها الوطنية أو بعملات تحالفاتها بعد خيباتهم المتكررة من الدولار، وبالعودة إلى اقتصادنا السوري بشكل عام وبنكنا المركزي بشكل خاص نجد انه من الضرورة تغيير سياستنا النقدية والتعامل مع عملات الدول الصديقة وخاصة بعد أن أعلنت روسيا مؤخرا عن إجراءاتها النقدية تحت عنوان ( نزع الدولار ) وبالاتفاق مع الصين وخاصة اطلاق عملة بديلة عن الدولار ، فهل نلتقط اللحظة ونتعامل بعملات أخرى ونكرس استراتيجية التحوط (Hedging) أي الاستعداد لمواجهة تقلبات السلع في زمان ومكان محددين لسوق ما وينطبق هذا على الاحتياطيات النقدية السورية ، هذا ما نتمناه ونرجوه وبفتح حسابات وتأسيس بنوك مشتركة والتعامل بالمقايضة والعملات الوطنية وهذا قد يساعدنا في تجنب العقوبات الامريكية والغربية، وتبقى وجهة نظر . دمشق 21/4/2023