بسحره وغناه حضر الموروث الشعبي الغنائي خلال الموسم الرمضاني 2023 بما يكتنزه من كلمات وألحان شجية تنوعت بين الغزل والوجد والعشق من خلال الشارات الدرامية والموسيقا التصويرية التي تميزت بأصوات مغنين شباب وأنامل موسيقيين من أهل الاختصاص الذين أضفوا عليها رونقاً وعذوبة.
الشارة الغنائية تعتبر عنصر الجذب الأول بين العمل والمشاهد وعاملاً أساسيا في نجاح أي مسلسل درامي، في حين تتفنن الموسيقا التصويرية في تغذية المشاهد المصورة التي يتردد صداها في نفوس الجمهور وتخلد نفسها في أذهانهم لتتحول لشخصية من شخصيات العمل الدرامي.
ونرى أن الأغنية الشعبية تصدرت المشهد الدرامي الرمضاني هذا العام ولامست وجدان الجمهور وأثارت في ذاكرته سحر التراث السوري وجماليته من خلال مسلسل “الزند”، بينما استعاضت أعمال كثيرة بالموسيقا التصويرية كمسلسل العربجي وزقاق الجن، في حين احتفظت بعضها، التي عادت بأجزاء جديدة، بأغنياتها القديمة كمسلسل حارة القبة وباب الحارة وصبايا كما درجت العادة.
إلى جانب تحقيقه موقعاً متقدماً بالمشاهدة حسب مواقع التواصل الاجتماعي استطاع مسلسل الزند أيضاً أن يحقق أعلى نسبة متابعة لشاراته الغنائية التي استوحت كلماتها من الموروث الغنائي السوري، ليختار الملحن “آري جان” موسيقا تحاكي بيئة المسلسل الذي أبدع في توظيفه للعتابا والمواويل بأسلوب معاصر بعيداً عن التشويه بصوت مها الحموي الأنثوي الريفي الدافئ والتي لامست من خلال أدائها قلوب المشاهدين واستحضرت لذاكرتهم صوراً من تاريخ المنطقة النابع منها.
وجاءت شارة بداية الزند خليطاً بين الموسيقا وبعض المواويل بصوت المطربة نوف البدوية، ليختار الملحن الشاب جان شارة النهاية باسم “رفاق الدرب” من كلمات شاعر العتابا برهوم رزق والتي تعتبر تجديداً للمواويل التي أداها رزق، ليصنعوا مزيجاً درامياً وغنائياً من حكايات التراث السوري وموسيقاه.
وعكست بعض الشارات الغنائية رسالة العمل ومضمونه، كالتي حملتها شارة مسلسل مربى العز الذي يندرج في إطار البيئة الشامية، بصوت جان رحمة وكتب كلماتها رامي كوسا ولحنها علي حسون.
واستعاضت بعض الأعمال عن أغنية الشارة بموسيقا تصويرية كمسلسل العربجي الذي ألف الموسيقا التصويرية له المايسترو رعد خلف، حيث استطاع بخبرته الأكاديمية حياكة موسيقا تصويرية من النسيج العالق بمسامع الجمهور لتتدرج ولتظهر انعكاساً لحالة الممثلين ومواكبة حركاتهم وانفعالاتهم الداخلية المختلفة، إضافة إلى مسلسل خريف عمر الذي غابت أغنية الشارة عن العمل، وقدم نفسه عبر موسيقا تصويرية حملت توقيع ليال وطفة.
ويدرك صناع الأعمال الدرامية السورية مكانة الشارات الغنائية والموسيقا التصويرية، وضرورة جعلها توازي العمل بالأهمية، فيسعون لاستقطاب أصوات غنائية جميلة ووجوه شابة لتؤدي الأغنية، الأمر الذي حققه مسلسل زقاق الجن في شارته التي غناها المطرب محمد خيري من كلمات وألحان رضوان نصري الذي وقع أيضاً الموسيقا التصويرية للعمل.