أ.د: حيان احمد سلمان .
تتغير ملامح الاقتصاد العالمي من يوم لأخر ، وتحمل هذه التغيرات معالم مخاض اقتصادي قد ينجم عنه نظام عالمي اقتصادي جديد يمهد لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ، واقتصادنا السوري يملك كل المقومات والمرتكزات ليكون من أعمدة هذا النظام ، سواء بمواردنا والتي يجب أن تتحول إلى إيرادات وفقا لإجراءات اقتصادية تتجاوز الفقه الاقتصادي التقليدي المعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة بل تنطلق من الرؤية السابقة مقترنة بالبحث عن الفرص المتاحة و البديلة وتحويل الطاقات الكامنة إلى متاحة والمزايا النسبية إلى تنافسية في السوقين الداخليّة والخارجية ، وننطلق في ذلك من التعامل الأمثل مع تداعيات زيارات السيد الرئيس ( بشار الأسد ) إلى ( سلطنة عمان والامارات وروسيا ) ، ونقطة الانطلاق من الرؤية الاقتصادية للسيد الرئيس ( بشار الأسد ) سنة /2004/ حول ( البحار الخمس ) وهي [ الأبيض المتوسط – الأحمر – الأسود – الخليج – قزوين ) ، ويساعد في تطبيق هذه الرؤية توجه دول مجموعة ( البر يكس ) التي تضم وحسب ترتيب حروفها كل من [ البرازيل – روسيا – الهند – الصين – جنوب أفريقيا ] إلى اعتماد عملة موحدة لها تعبر عن عملاتها الخمس والتي تبدأ كلها بحرف ( رR ) وهي [ ريال البرازيلي – روبل الروسي – روبية الهندية – رنم ينبي الصيني – راند البرازيلي ] ويمكن ان نطلق عليها ( R5) فهل تكون هذه العملة بديلا عن العملات الدولية وخاصة ( الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي ) ؟.
وقد كتبت عن هذا منذ سنة /2013/ في إحدى صحفنا الوطنية وضمن زاويتي الأسبوعية ، والان في سنة /2023/ بدأ الكثير من الاقتصاديين يدعون إلى عملة موحدة لمجموعة البر يكس ولا سيما أن المجموعة صرحت أنه خلال القمة القادمة للمجموعة في جنوب افريقيا في شهر /أب سنة 2023/ سيتم مناقشة إنشاء عملة موحدة لدول المجموع ، وقد تكون هذه العملة بديلا عن العملات أو تعمل بجانب عملاتها ، وهذه المجموعة تمتلك كل الأسس اللازمة لذلك وخاصة أن الكثير من دول العالم وبالعشرات تريد الانضمام إلى هذه المجموعة بحيث تتحول من ( بريكس ) إلى ( بريكس بلاس + ) كما تحولت منظمة ( أوبك ) إلى ( أوبك بلاس +) كما يترافق هذا مع اتفاق دول ( أمريكا اللاتينية وبحر الكاريبي ) لإيجاد عملة خاصة بها أيضا ، وهذه التغيرات هي بسبب تغير معالم القوة الاقتصادية العالمية ، فالتغيرات الاقتصادي هي جوهر كل التغيرات من سياسية واجتماعية وعسكرية وأمنية …الخ ، والتوصل الى عملة موحدة لمجموعة البريكس تساعدهم في تحقيق المزيد من مؤشرات التنمية وتحميهم من الهيمنة الغربية ( الناتوية ) على اقتصاداتهم ويتخلصوا من الإرهاب الاقتصادي ( عقوبات وحصار ) على المجموعة وغيرها من دول العالم ومنها ( سورية ) ، وتمتلك مجموع البر يكس كل متطلبات النجاح في ذلك ، ونذكر بعضا من هذه المقومات فهي تشكل حاليا [ أكثر من 42% من سكان العالم وأكثر من 27% من مساحة اليابسة وأنها تشكل أكثر من /28%/ من الناتج الإجمالي العالمي ونسبة /24%/ من صادرات العالم و/40%/ من طاقة العالم ] ، وتضم /3/ دول نووية و/2/ دولة دائمتي العضوية في مجلس الامن ، وروسيا معروفة بقوتها العسكرية المبنية على ( عقيدة التفوق ) والصين التي تعتبر قطبا اقتصاديا عالميا وقد تتربع الصين قريبا على قمة الهرم الاقتصادي العالمي ، كما أن العلاقات البينية التجارية البينية تزداد من سنة لأخرى ، فقد كانت قيمة التبادلات التجارية سنة /2022/ مرتفعة جدا وتجاوزت ماكانت عليه سنة /2022/ و على سبيل المثال تؤكد المعلومات الرسمية لبعض دول المجموعة أن حجم التجارة الثنائية كان كما يلي وبمليارات الدولارات [بين الصين وروسيا حوالي/190/ بين الصين والبرازيل تجاوز / 150 / بين البرازيل والهند بحدود /12/ بين روسيا والهند تجاوز/ 31/ ] ، إن إيجاد عملة موحدة بديلة او مكملة لعملات البر يكس يساهم مباشرة في التبادلات التجارية وعمليات التسوية من وسائل الدفع وتخزين القيم وعملة احتياطية للبنوك المركزية في اقتصاديات المجموعة والدول الأخرى وخاصة الاقتصاديات الناشئة ، وسيتم تفعيل هذا مع انضمام تحالفات اقتصادية أخرى إلى المجموعة مثل ( منظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي ) ولا سيما بعد تفعيل المشروع الصيني العملاق ( الحزام والطريق ) الذي يربط أغلب دول وقارات العالم ببعضها البعض، وتأسيس العملة المشتركة لمجموعة ( البر يكس ) يساعد في تفعيل الاستثمارية المحلية والبينية والعالمية سواء الخاصة أو المشتركة وبالتالي التخلص من هيمنة الدولار واليورو ولا سيما بعد تأسيس المجموعة لبنك هو بنك ( التنمية ) ومقره مدينة ( شنغهاي ) الصينية برأسمال قدره /50/ مليار يورو إضافة إلى إنشاء الصندوق الاحتياطي بقيمة /100/ مليار يورو أيضا ، وبرأينا هنا تكمن مصلحتنا في الانضمام الى دول مجموعة ( البر يكس ) والعمل لتحقيق التشبيك بين(البحار الخمس والعملات الخمس أو المعبر عنها R5) وعندها نستفيد من خبرة المجموعة و بنوكها ويؤمن التمويل المناسب لإعادة الاعمار وبشروط ميسرة وعلى مبدأ ( رابح-رابح) .
دمشق 20/3/2023