يونس خلف لا يحتاج الأمر إلى كثير من التفكير أو المؤشرات والدلائل للإجابة على سؤال : لماذا سلطنة عمان ؟ الكل يعلم إن عُمان لم تغلق سفارتها في دمشق وبقيت متواصلة مع سورية وأكثر من ذلك زيارات المسؤولين فيها إلى دمشق لم تنقطع .الأمر الآخر عمق العلاقات التاريخية مع سلطنة عٌمان واستقلالية قرارها السياسي و الدور الذي تلعبه في الوصول إلى إعادة العلاقات بين سورية والدول العربية . من هنا لا بد من النظر اليوم إلى أبعد من المسافة إلى عُمان وإن كانت هي مركز المحور الذي يدور حوله الاهتمام نتيجة دور وموقف عًمان وكذلك الأمر ينطبق على الإمارات .لكن الأنظار اليوم تتجه إلى كل المعطيات والمؤشرات التي ينظر إليها كل مواطن عربي شريف بأن تتحول إلى واقع عربي بصورته المأمولة وليس بالصورة التي رُسمت له خلال الحرب الظالمة على سورية . مؤشرات التفاؤل كثيرة وواضحة تبدأ من الفزعة العربية والتسابق إلى دمشق للإسهام في جهود إغاثة المتضررين من الزلزال ولا تنتهي عند السفينة المصرية التي وصلت إلى ميناء اللاذقية ومحملة بنحو ٥٠٠ طن من المساعدات الإغاثية لمواجهة تداعيات الزلزال وتقديم الإغاثة للمتضررين في المحافظات السورية ، و هو مؤشر واضح وتأكيد من جديد على عمق العلاقات التاريخية بين مصر وسورية والروابط الأخوية الراسخة التي تجمع الشعبين ، وليس بغريب على الأشقاء في مصر وقوفهم إلى جانب أشقائهم السوريين لمواجهة تداعيات هذه الكارثة الإنسانية بتقديم المساعدات عبر الجسر الجوي والبحري ولذلك من الطبيعي الشعب السوري ينظر إلى هذه الوقفة بالتقدير ويعبر عن الشكر والامتنان للشقيقة مصر حكومة وشعباً . والأمر طبعا بدأ منذ اللحظات الأولى للكارثة فبعد الزلزال أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس بشار الأسد . وبالعموم يأمل الجميع أن تساهم هذه الخطوة التضامنية في تذليل العقبات التي تواجه عودة العلاقات مع كل الدول العربية .المؤشر الآخر يتصل بالمساعدات الإنسانية التي قدمتها الدول العربية والتي يمكن أن تكون مدخلا لتحسين العلاقات ما بين الدول العربية وهذا ما يتمناه الجميع حتى بدون أن تحدث الزلازل والكوارث ويكون هناك موقف وفعل عربي متكامل في كل الأوقات والأحداث والمأمول اليوم أن تطالب الدول العربية بإزالة العقوبات الظالمة على سورية لتتمكن من متابعة عمليات الإنقاذ وإغاثة المنكوبين وايوائهم وأبعد من ذلك لعل المزاج الشعبي العربي عموما التقط هذا المصاب الجلل وينظر إليه بأمل أن تكون له ارتداداته السياسية لعلها تكون فرصة لمقاربات جديدة لبعض الدول العربية وبوابة لإعادة العلاقات بين سوريا والدول العربية وبالتالي تكون أزمة الزلزال فرصة للجميع لتجاوز الخلافات وعودة التكاتف العربي . وهنا يجب أن نلتقط أيضا بعض التداعيات والارتدادات الخارجية ونستفيد منها حيث بدا واضحاً الفشل الدولي على مستوى المساعدة والإغاثة ولذلك من يقرأ الوقائع بموضوعية لا بد أن يدرك حقيقة أن استمرار الولايات المتحدة بالعقوبات على سورية وسط كارثة الزلزال يجب أن تدفع الدول العربية أكثر للتكاتف والتضامن ووحدة الموقف والقرار لأن قوة العرب في وحدتهم وتكاتفهم وقرارهم السياسي المستقل . ولذلك ربما يكون الزلزال فرصة لرفع الحرج عن بعض الدول العربية لإعادة ترتيب البيت العربي بالصورة اللائقة والخروج من مأزق الحسابات الخاطئة .