كمال محمد.. ثلاثون عاماً في صناعة الأعواد والعزف عليها

بين الشغف والاحتراف وبجهود شخصية أسس الحرفي كمال محمد ورشته الخاصة لصناعة الأعواد، والتي يبلغ عمرها الآن ما يقارب الـ 30 عاماً لينجز طوال هذه السنوات الكثير من الأعواد، وليحافظ كباقي الصناع على آلة موسيقية تليق ببلد أصيل يتذوق الفن بكل اشكاله وفق وصفه.

وتحدث محمد الملقب أبو حسن 58 عاماً من سكان منطقة الصفصافة بريف طرطوس  لمراسلة سانا عن حرفته وبدايته بها عام 1993 باهتمام وجهد فردي دفعه ليتعلم بشكل ذاتي طريقة صنع الأعواد عبر مراقبة عدد كبير من الصناع والتركيز على التفاصيل الدقيقة لهذا العمل وتحديد الاختلاف بين صانع وآخر، إلى جانب معرفته بالعزف الأمر الذي ساعده كثيراً بمعرفة أسرار هذه المهنة وتطويرها.

العود بالنسبة له جزء لا يتجزأ من شخصيته، يرافقه بالعمل ومختلف المناسبات والجلسات، حيث تعلم محمد العزف عليه منذ أن كان عمره 12 عاماً وبتشجيع من والدته، مشيراً إلى أنه بالمرحلة الأولى بدأ كهواية حتى اجتهد ونمى موهبته وطورها وتتلمذ أيضاً على يد الموسيقي الراحل محمد عتمه.

وبين محمد أنه يقضي ساعات طويلة بالورشة ويقوم بمساعدته أخوه وابنه الوحيد حسن الذي تعلم أيضاً فنون وأساليب هذه المهنة إلى جانب متابعة تحصيله العلمي، مؤكداً أنه صنع الآلاف من آلات العود الموسيقية، حيث قام بتسويق العديد منها داخل وخارج سورية على مدى سنوات طويلة إلى دول الخليج وأوروبا وألمانيا والسويد وإسبانيا وأستراليا وغيرها.

وأوضح أن فترة تصنيع العود الجيد قد تصل لشهر تقريباً أو أقل على عكس آلات الأعواد التدريبية تكون فترة تصنيعها أسرع، أما بالنسبة لأنواع الخشب المستخدم فمنه السيسم الهندي والورد والبانوس والماهونغي والجوز الشامي والميغانو الافريقي، بينما يستخدم في صنع صدر العود خشب السيدر الكندي، مبيناً وجود صعوبة في عدم توافر الخشب المستورد وارتفاع سعره.

ويعمل محمد إضافة إلى صناعة العود وصيانته، في صناعة آلات القانون والبزق إضافة إلى العزف على آلة الكمان أيضاً، مؤكداً أن سماع الموسيقا وخاصة الفن الأصيل لمحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم وغيرهم مكنه من تشكيل أرضية موسيقية وتطوير قدراته بالعزف، وهذا ساعده أيضاً في التأكد من جودة ونجاح أي آلة يصنعها.

وعن مواصفات العود السوري ذكر محمد أنه يتميز بمواصفات فردية من حيث الشكل والصوت ومطلوب جداً بالبلدان العربية، وذلك بفضل عراقته وأهميته الحضارية، لافتاً إلى أن الحرفي بهذه المهنة يجب أن يتمتع بالصبر والدقة والإتقان ليقدم آلة موسيقية كاملة الأوصاف.

وبين أنه خلال الحرب الإرهابية على سورية كان العود مطلوباً وما زال من قبل مختلف الأعمار وخاصة الشباب، داعياً الأهالي لتنمية مواهب أطفالهم موسيقيا وتوجيههم لاختيار آلة تناسب ميولهم وإمكانياتهم.

وختم محمد حديثه بالتأكيد على ضرورة الحفاظ على آلة العود وصناعتها والتي تعد من مسؤولية الجميع إلى جانب دور العازفين بالتأثير على الشباب من خلال انتقاء معزوفات وأغان تليق بثقافتنا وتراثنا الموسيقي والاقتداء بشكل دائم بمسيرة الفنانين العمالقة كصباح فخري وغيره الكثير، منوها بدور الإعلام في تسليط الضوء على الموهوبين وتشجيعهم على تنمية وتطوير قدراتهم