بين الأصالة والمعاصرة.. الموسيقا ألق سورية وصوتها الحضاري في المحافل العالمية في 2022

خرجت الموسيقا السورية هذا العام من بوتقة النوتة والفعاليات الثقافية، لتلون حياة السوريين، وتشكل فسحة أمل جديدة، وتكون الصوت الأقوى الذي كسر الحصار الثقافي على سورية، ووجه رسالة محبة وسلام لشعوب العالم.

وبين التشكيل اللوني في كل صوره والإيقاع الموسيقي بكل صنوفه الإبداعية احتفت وزارة الثقافة بذكرى تأسيسها الـ 64 باحتفالية أيام الثقافة السورية بعنوان (تراث وإبداع)، واحتفالية أيام الفن التشكيلي السوري، وأيام سينما المقاومة على وقع أنغام وإيقاع الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية، واحتفت دار الأسد للثقافة والفنون بذكرى تأسيسها الـ 18 على أنغام صوت مغنية الأوبرا السورية سوزان حداد، مؤكدة بذلك على العلاقة الوثيقة التي تربط الفن البصري والموسيقي، باعتبارهما وجهين ثقافيين تشترك فيهما الحضارات الإنسانية منذ فجر التاريخ.

وهذا العام أطلقت وزارة الثقافة المسابقة الوطنية الأولى للجوقات السورية التي توجت في ختامها كورال الراعي الصالح الفائز الأول بالمسابقة.

أما الموشحات والقدود فحظيت بحصة وافرة من الفعاليات على امتداد سورية، كدلالة واضحة على تنوع وغنى التراث الموسيقي السوري، لما له من أهميّة في الحفاظ عليها ونقلها بطريقة تسمح للأجيال القادمة بالتعرّف عليه وممارستها لتحافظ عليه بأسلوبها فيما بعد.

وشهدت العاصمة دمشق انطلاق عدد من المهرجانات كمهرجان البزق بنسخته الحادية عشرة، والذي أقيم على خشبة القباني، مستحضرين تراث منطقة الجزيرة السورية، ومهرجان الأغنية السورية التراثية الأول بقيادة المايسترو نزيه أسعد في قصر العظم.

أما المحافظات السورية فعرضت بمناسبة اليوم العالمي للتراث أهم الأغاني التراثية التي كانت تقدم في احتفالات الربيع في الساحل السوري.

وخلال 2022 أصر الموسيقيون السوريون على أن يتركوا بصماتهم حاضرة في ذاكرة الموسيقا العربية والعالمية، ولم يكتفوا باحتضان الفرق الموسيقية من معظم أصقاع العالم، بل كانت لهم مشاركات مضيئة في العديد من المهرجانات العربية والعالمية سطروا بها رسالة سورية أرض السلام التي صدرت الحضارة والثقافة للعالم قبل آلاف السنين وقناعة السوريين بأن ما يوحد الإنسانية هو أكبر بكثير مما يفرق بينها.

وافتتح العام موسيقياً بالعمل الموسيقي الملحمي (الرابسودي السوري) الذي قدمه 100 موسيقي ومغن سوري بتوقيع الموسيقي إياد الريماوي وقيادة المايسترو ميساك باغبودريان على مسرح منصة (اكسبو 2020 دبي) كجزء من البرنامج الثقافي، الذي ينظمه الجناح السوري بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية.

ومن مدينة البيروبيلو الواقعة في الجنوب الإيطالي جالت عازفة آلة الهارب في المعهد العالي للموسيقا بدمشق رهف شيخاني، عبر أمسيات موسيقية وورشات عمل تخصصية في عدة مدن إيطالية كعزف منفرد، بدعوة من مهرجان كسبيرمينتا الإيطالي، والذي يهدف إلى التواصل وتبادل الثقافات بين شعوب العالم قدمت خلالها مقطوعات موسيقية تتحدث عن سورية بألحان تقليدية ومعاصرة.

قاد قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية المايسترو ميساك باغبودريان أوركسترا الشباب العربي الفيلهارموني، بدعوة من وزارة الشباب والرياضة المصرية، والتي تضم موسيقيين شباباً من دول عربية عدة، عبر أمسيتين موسيقيتين إحداهما في دار أوبرا الإسكندرية، والثانية على خشبة مسرح الجمهورية في القاهرة.

وفي وقت لاحق احتضنت أوبرا الجزائر حفلاً موسيقياً ضم عدداً من أعضاء الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وطلاب المعهد العالي للموسيقا، بقيادة باغبودريان ضمن المهرجان الدولي للموسيقا السيمفونية بنسخته الثانية عشرة والمقام بالعاصمة الجزائرية، وعلى هامشها قدم الموسيقي السوري عازف الأوكرديون وسام الشاعر خبرته الأكاديمية خلال ورشة عمل تخصصية، وقدمت لهم إدارة المهرجان دروعا تكريمية.

وعبر بحث (المسرح الغنائي في بلاد الشام ومصر.. القباني والرحابنة) قدمته المسؤولة الإدارية في معهد صلحي الوادي للموسيقا عبير الجابي، شاركت سورية في مهرجان ومؤتمر الموسيقا العربية بدورته الـ 31، المقام في القاهرة.

وأطلت المغنية الأكاديمية ليندا بيطار على الجمهور التونسي بأمسية غنائية سورية، نظمها ملتقى عليسة للمبدعات في تونس بدورته الخامسة بباقة من الأغاني التراثية السورية.

كما حصدت سورية عدة جوائز عالمية، حيث حازت السوبرانو السورية المغتربة أسيل مسعود جائزة أفضل صوت أوبرالي في برنامج تدريبي متخصص في مدينة برشلونة بإسبانيا، من بين ثمانية مغنين تم اختيارهم وفق معايير أكاديمية عالية، كما حققت الموسيقية السورية جمان عمران المركز الأول بمسابقة موسيقية بالعزف على آلة البيانو في سويسرا، وشارك بها العديد من الموسيقيين من مختلف الأعمار صنفوا ضمن فئات وبرامج مختلفة تتناسب مع أعمارهم.

ومع اقتراب نهاية العام توجت أوركسترا (الهاند بان) بقيادة الشاب السوري أنس الحلبي بجائزة أفضل فرقة موسيقية متكاملة ضمن مهرجان (دبي لموسيقا الشباب) بمدينة دبي، بمشاركة كوكبة من الفنانين الشباب والموسيقيين.

وبالمقابل استقطبت العديد من الفرق الموسيقية المتنوعة من بلدان عربية وعالمية مختلفة الموسيقيين السوريين، ومنحتهم فرصة المشاركة فيها كعازفين، ما مكنهم من الاطلاع الدائم على تجارب الثقافات والحضارات الموسيقية المختلفة بكثافة وتنوع يغنيان ذائقتهم وتجربتهم وخيالهم الإبداعي.

وعاش عشاق الطرب الأصيل ذكريات الزمن الجميل مع أمير الغناء العربي هاني شاكر بأمسيتين غنائيتين بعد غياب أكثر من عشر سنوات، أما الموسيقار العالمي غي مانوكيان فقد حول مسرح الأوبرا إلى طاقة فرح متأججة أنعشت قلوب الجمهور الذي تفاعل مع موسيقاه بالكثير من التصفيق، وعاش على وقع أنامل العازف الشاب أجمل الأوقات.

واستضافت دار الأسد للثقافة والفنون العازف كوزيمو برونتيرا بمشاركة فرقة فيولا دي آمور القادمين من إيطاليا بحفل لروائع رواد عصر الباروك، واحتفت بأعمال المؤلف الأرجنتيني آستور بياتزولا من خلال أمسية موسيقية غنائية بأداء موسيقيين من سورية والمغنية الأرجنتينيّة مارييل دوبوتيت وعازف آلة الباندونيون ولتر ريوس وفرقة كادانس الأرمينية بقيادة عازف البيانو أرمان بابكهنيان.