الأثر السوري في الفنون والعمارة المشرقية ومنها العمارة التدمرية كانت محور محاضرة رئيس فرع جمعية العاديات الثقافية التاريخية في حمص الدكتور المهندس نزيه بدور، واستضافها اتحاد الكتاب بحمص، حيث أثبت بالأدلة والقرائن وأقوال المستشرقين والمؤرخين أن الهوية السورية مهرت الحضارة التدمرية بصبغتها التي تناغمت مع منجزاتها وتطورها الحضاري والثقافي والتجاري لتنتج فنوناً عكستها آثار تدمر بروعتها ودقة تصاميمها وهندستها المدهشة.
وقدم بدور في محاضرته التي جاءت بعنوان (الهوية السورية في الفنون والعمارة التدمرية) لمحة عن نشأة تاريخ سورية القديمة والممالك الآرامية والفينيقية، كماري وإيبلا وقطنة وأوغاريت وصولاً إلى مملكة تدمر والتي شكلت أرثاً حضارياً بنقوشها ورقمها وطرازها المعماري واهتمامها بمختلف أنواع الفنون الثقافية والموسيقية والرياضية والمعارض والمسارح والحدائق والهياكل والأروقة والأعمدة والمدافن.
ولفت إلى أن اللغة والأصالة شكلتا أبرز مظاهر الثقافة التدمرية، فتدمر مملكة سورية آرامية ازدهرت في القرون الثلاثة الأولى بعد الميلاد، وشكل العرب جزءاً من شعبها، فيما يعود تخطيطها العمراني إلى الحضارة البابلية بأسلوبها الشطرنجي، لكنها اتبعت طابعاً شرقياً سورياً تبدى في الأغورا والمعابد التدمرية والأعمدة والتماثيل والمدافن والشارع الطويل.
ثم عرج بالصور والوثائق على السمات العامة للفن التدمري الذي تأثر بالفنون الكلاسيكية كالإغريقية والرومانية والهندية والفارسية، وكان النحت التدمري بمثابة مدرسة فنية بحد ذاتها، متوقفاً عند آراء كثير من علماء الآثار السوريين كالراحلين خالد الأسعد وسليم عبد الحق والغربيين أمثال هنري سيرنغ وهيرو دوت وغيرهم الذين أجمعوا على أن عمارة تدمر لم تكن هلنستية ولا رومانية بل مزيجاً من الاثنين معاً مع أصالة سورية.
حضر المحاضرة لفيف واسع من المثقفين والأدباء والباحثين والمهتمين.