لا يكاد يخلو بيت في محافظة السويداء من عازف محترف على آلة العود أو هاو له حتى إنه يكاد يكون جزءاً من أثاث المنزل لدى الكثيرين، ويحتل مكانة خاصة لدى مقتنيه وعازفيه ومستمعيه، ما يلهم محبيه من الموهوبين وغيرهم للعزف عليه والتدرب على ذلك، إن كان في المعاهد الموسيقية أو لدى الأساتذة القديرين بعزفه وتعليمه.
آلة العود التي يراها مدير معهد فريد الأطرش للموسيقا الفنان معين نفاع إرثاً تاريخياً عريقاً في سورية، وعزف عليه أبرز الفنانين والمطربين الرواد في مصر والعالم العربي، ومنهم الموسيقار فريد الأطرش ابن السويداء والملقب بملك العود الذي أخذ المعهد عنه اسمه، والذي كان صاحب أسلوب ومدرسة في العزف عليه، مبيناً أن هذه الآلة الأصيلة شكلت حالة إلهام للكثير من الموهوبين للعزف سواء كان نوتة أو استماعاً مع وجود عدد ممن اهتموا بصناعة العود في المحافظة، من بينهم فؤاد أبو حمدان وأسرة الرمحين وثائر نصر وسواهم.
ومعهد فريد الأطرش للموسيقا في السويداء له دور مهم في إبراز المواهب الفنية بالمحافظة كما يوضح نفاع، وخاصة في مجال العزف على العود وتدريبها وصقلها، وساهم في تخريج وتدريس مئات الطلاب الذين يقبلون على التدرب على آلة العود منذ إحداثه عام 2010، ومن بينهم طلاب تميزوا في العزف عليه ويتابعون دراستهم حالياً في المعهد العالي للموسيقا ومنهم أسامة أبو سعدة وجواد أبو زور ووائل العشعوش وهيثم كيوان وعمر أبو هرموش وشفيع بدر الدين وسواهم، إضافة إلى ابنة السويداء وخريجة المعهد العالي للموسيقا الملحنة والمغنية وعازفة العود العالمية وعد أبو حسون الحائزة جائزة موسيقا العالم من جريدة ليموند الفرنسية، وأول مطربة عربية تغني على مسرح دار الأوبرا بباريس.
ويصل عدد الطلاب المسجلين في المعهد باختصاص آلة العود سنوياً ما بين 80 و100 طالب، كما بين رئيس القسم الشرقي ومدرس آلة العود في معهد فريد الأطرش لؤي عماد، لافتاً إلى أن مدة الدراسة في المعهد تبلغ عشر سنوات، إضافة إلى سنة تحضيرية، حيث يتم تدريس الطلاب وفق منهاج أكاديمي معتمد من مديرية التأهيل الفني التابعة لوزارة الثقافة، بإشراف نخبة من مدرسي العزف على آلة العود من بينهم أدهم عبيد وأشرف أبو مرة وثائر الصحناوي، مؤكداً غنى المحافظة بالعديد من العازفين المتميزين ومنهم عماد حاتم وسمير الحلبي وشادي العشعوش وغيرهم الكثير.
بدوره مدير معهد فهد بلان للموسيقا العربية الفنان أدهم عزقول أشار إلى أن العود يعتبر آلة رئيسية في التخت الموسيقي الشرقي، ورمزيته في السويداء مستمدة من محبة أهل السويداء للموسيقار فريد الأطرش وغناها بالمواهب والطاقات المحبة للموسيقا والفن والغناء ليكون العود رفيق وأنيس الأمسيات وجلسات الأصدقاء.
ولفت عزقول إلى أن معهد فهد بلان يعمل في إطار إحياء تراث الموسيقا العربية وتنمية المواهب الفنية الشابة وصقلها من خلال التدريب والعزف على العود للكثير ممن يرتادون المعهد لهذا الغرض، كما نظم مسابقة أفضل عازف عود على ثلاث نسخ احتفالاً بالذكرى المئوية لولادة فريد الأطرش.
في الوقت ذاته تسهم جمعية أصدقاء الموسيقا منذ تأسيسها عام 2005 في تدريب وصقل العديد من المواهب في العزف على الآلات الوترية الشرقية، وفي مقدمتها آلة العود التي تدرس في الجمعية من قبل مدرسين مختصين ولمختلف الأعمار، انطلاقاً من اهتمامها بالتراث الموسيقي والعمل على إحيائه ونشره وتطويره وتنمية الذوق الموسيقي ورعاية الموهوبين ومساعدتهم على تطوير مواهبهم، كما بين رئيس مجلس إدارة الجمعية بالسويداء الفنان غسان الجرماني، مشيراً إلى أن الجمعية خرجت المئات من الطلاب وخاصة الذين تقدموا إلى المعهد العالي للموسيقا، والذين تم قبولهم في المعهد.
الشاب نور الحرفوش ذو الـ 16عاماً واحد من الكثيرين الذين حرصوا على تنمية مواهبهم في العزف على آلة العود بعد تأثره بالمحيط الذي نشأ فيه في ظل أسرة محبة للموسيقا، ولا سيما خاله الذي يعزف على العود ما ألهمه وشجعه لتعلم العزف عليه بشكل سماعي لمدة عام ونصف العام في بداية الأمر، كما ذكر قبل أن يلتحق بمعهد فريد الأطرش ليتابع تدريبه بشكل أكاديمي على أيدي أساتذة كبار في هذا المجال، ولا يزال بالتوازي مع متابعة تعليمه في الصف الثاني الثانوي العلمي.