أكد وزير النفط والثروة المعدنية المهندس بسام طعمة أن قرار تخفيض الكميات المخصصة للسيارات الحكومية السياحية بنسبة 40 بالمئة أتى لتأمين الاحتياجات من المشتقات النفطية، اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطن.
وقال المهندس طعمة خلال لقاء مع قناة السورية اليوم: إن أزمة المحروقات لم تكن وليدة ليلة وضحاها، بل هي مستمرة منذ أكثر من 50 يوماً، والحكومة تعمل على معالجتها بالاستفادة من المخزون الذي تم تجميعه خلال الفترة الماضية.
وتابع طعمة: لم نكن نتوقع أن تتأخر التوريدات لهذه الفترة واضطررنا لاتخاذ اجراءات أشد قسوة بحيث يتم توفير مخزون من أجل الأولويات ولتغطية الاحتياجات الأساسية، وحفاظاً على هذا المخزون المتاح يتم توجيهه باتجاه الخدمات الأساسية للمواطن حتى لا تنقطع وهو ما اضطرنا للتخفيض الأخير الذي كان “قاسياً فعلياً”.
وقال طعمة: إن الحكومة تعمل على منحيين، أولهما ترشيدي، والآخر المتابعة والتنسيق من أجل إعادة انتظام التوريدات كما كانت سابقاً، مشيراً إلى أنه لم يكن أبداً في سورية خلال المرحلة السابقة كفاية إلى حد يسمح لها بتكوين مخزون استراتيجي بحيث تلبي فيه الانقطاعات لفترة طويلة، إذ كان ما يوّرد من المشتقات هو حسب الحاجة فقط.
ولفت وزير النفط الى أن القطاع العالمي للطاقة يعاني بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وما رافقها من عقوبات غربية وحظر على المشتقات الروسية ما أثر سلباً على التوريدات، وبما أننا نستورد الجزء الأكبر من حاجاتنا النفطية فقد أصبحنا عرضة للمتغيرات، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بحقول النفط جراء الاعتداءات التركية على الأراضي السورية ما أثر على إنتاجنا المحلي.
وقال طعمة: إن العقوبات الغربية زادت الضغط، مشيراً إلى احتجاز إحدى النواقل السورية من قبل البحرية الأمريكية في اليونان لأشهر عديدة، ولم يفرج عنها إلا منذ بضعة أيام وهي الآن في مصفاة بانياس، ولكن بسبب الأحوال الجوية السائدة لم يتم تفريغها إلى الآن، إضافة إلى إصابتها ببعض الأعطال نتيجة توقف بعض مضخات الهواء في أنظمة الربط.
وأضاف الوزير طعمة: إن ناقلة واحدة لا تحل الأزمة، يجب أن يكون هناك انتظام في التوريد حتى يتم حل الأزمة، أنا أرى أن هناك تضخيماً لموضوع وصول ناقلة، حتى النواقل التي تصل هي صغيرة الحجم من مليون برميل وما دون.
وبشأن توزيع مادة المازوت بين طعمة أن أزمة التوريد أتت في مرحلة ذروة الطلب على المازوت تحديداً، سواء كان للتدفئة أو للزراعة أو الفيول لتوليد الكهرباء، مشيراً إلى أن نسبة توزيع مازوت التدفئة هي منخفضة ولا تتجاوز 40 بالمئة وكانت الوزارة توزع المادة عندما كانت التوريدات منتظمة والبطء كان من أجل الحفاظ على الفعاليات الأساسية سواء أفراناً أو مشافي.
وبشأن مكافحة الفساد في القطاع النفطي قال الوزير طعمة: الفساد موجود في قطاع المحروقات وتوزيعها ونحن ضبطنا حالات كثيرة جداً ونحاول دوماً أن نبعد تدخل العامل البشري عن عملية التوزيع حيث بدأنا بالأتمتة من أجل ذلك لكن حتى مع تطور الضبط أيضاً تتطور حالات الفساد.
وتابع وزير النفط: قمنا بتركيب الـ(جي بي اس) في دمشق وريف دمشق وحماة واللاذقية وطرطوس وبلغ عدد الأجهزة المركبة 9600 جهاز رغم ذلك تجد حالات أن أحدهم قام بتركيب 6 أجهزة بسرفيس واحد بحيث يأخد مخصصات 6 سرافيس، يعني هناك تطور بحالات الفساد مع تطور الأتمتة.
وأوضح الوزير أنه تتم متابعة وضع الكازيات فهناك الكثير منها يتعامل بطريقة غير شرعية مع المواد سواء بسرقة المواد من المواطن أو غير ذلك وتتم متابعتها من خلال البطاقة الذكية أو البطاقة الإلكترونية لضبط الأرصدة.
وتابع طعمة: لقد اكتشفنا العديد من حالات الفساد في العديد من المحافظات قيمتها مليارات الليرات السورية وتم استرداد جزء كبير منها أيضاً كما تم إغلاق العديد من المحطات الأسبوع الماضي وتشميع نحو 6 محطات والعمل مازال متابعاً وجارياً لكن بالنهاية طالما هناك مادة عليها طلب وسعرها في السوق أعلى فسيكون هناك حالات فساد لكن المتابعة أو مكافحة هذه الحالات مستمرة.
وبشأن تأخر رسائل الغاز أوضح المهندس طعمة أن توريد الغاز مرتبط بالقطع الأجنبي وقطاع النفط مستهلك كبير للقطع الأجنبي ولا يمكن لدولة أن ترصد كل القطع الأجنبي المتاح لهذا القطاع.. فهناك القمح والأدوية والأسمدة إضافة إلى طيف واسع للاقتصاد يحتاج للقطع الأجنبي ولا يمكن أن نخصصه فقط لقطاع المحروقات.. ولدينا عقود لتوريد الغاز المنزلي والشهر الحالي وصل حوالي 17 ألف طن أي وسطياً تبديل الأسطوانة يكون بحدود 70 يوماً وأجرينا اتصالات منذ يومين مع الجانب الجزائري وطلبنا تسريع تزويدنا بالغاز المنزلي.
وحول وضع آبار النفط في الشمال أكد الوزير طعمة أن العدوان التركي الأخير على الشمال السوري أدى إلى ضرر كبير في المنشآت النفطية، إذ إنه أصاب معمل السويدية بضرر كبير جداً ما أدى لتوقفه عن الإنتاج حيث كان المعمل ينتج حوالي 150 طن غاز منزلي وحوالي مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وكانت تتجه نحو محطة توليد السويدية التي تمد محافظة الحسكة بالكهرباء أيضاً.
وقال طعمة: إن العدوان التركي أثر بشكل كبير على منشآتنا النفطية في تلك المنطقة إذ احترق العديد من الآبار وتضررت محطات النفط في كراتشوك والخزانات، كما اشتعلت محطة عودة وتضررت محطة شرق خربة، إضافة لحالات تلوث بيئي كبير نتيجة الانفجارات وقصف الخزانات ما أدى لانسكاب النفط وتلويث الأراضي الزراعية هناك، ونتيجة لذلك هناك أزمة فعلية في المشتقات النفطية.
وأشار طعمة إلى أن الحكومة بدأت من نفسها بموضوع التقشف وهو أمر لا يرتبط بمؤسسات الدولة فقط بل يحتاج أيضاً تعاوناً من قبل المواطن علماً أن الحكومة تتعاون مع الأصدقاء والشركاء ومع القطاع الخاص في هذا الموضوع بحيث يتم تأمين نفط إلى مصافينا ليتم تكريره مقابل أجر وهذا الأجر جزء من المشتقات النفطية التي تؤمن جزءاً من حاجة السوق علماً أنه عندما يتأخر أي خط توريد نفطي فالمصافي تبقى دون عمل وتتوقف.
وتابع طعمة: لقد تم إلزام القطاع الخاص بتأمين 30 بالمئة من المشتقات النفطية على الأقل نصفها تستعيره سادكوب على أن يرد لاحقاً والباقي يمكن أن يباع بسعر التكلفة للفعاليات الاقتصادية والخدمية بسورية بحيث يتم التقليل من وطأة هذه الأزمة مشيراً إلى أن التعاون مع القطاع الخاص يهدف لإيجاد مخارج وتخفيف وطأة أزمة المشتقات النفطية.