عليك أن تسير في حارات دمشق القديمة وتغوص في طرقات ضيقة لتصل إلى مئذنة الشحم أحد احيائها حتى تصل إلى بيت لا يزال يحتفظ بجذور الإنسان ولغته منزل اشبه بقارورة عطر تخطف الحواس والدخول اليه اشبه برحلة عبر الزمن انه منزل الشاعر الدمشقي نزار قباني متحف مصغر كما وصفه والذي قال عنه انه لولا هذا البيت لكان شعري مختلفا..
فالمنزل يحوي تفاصيل ذكريات عصية على النسيان شاهد على ولادة وانطلاقة اهم شعراء سوريا والوطن العربي وذلك في ٢١ آذار عام ١٩٢٣ وعن تاريخ ميلاده قال نزار:ولدت في بيت من بيوت دمشق القديمة و كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة وكان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء.بيت كان الخلية الأولى التي احتوت نزار وليدا ويافعا واثرت في تكوينه وخلقه شاعرا ينشد الجمال فكان أحد مفاتيح شعره وابداعه تفوح منه رائحة العراقة التي عرفت بها بيوت دمشق باحة الدار والبحرة والفسحة السماوية والقاعة الصدفية الموجودة بداية مدخل المنزل من جهة اليسار والليوان وغرف متعددة وكان قد كتب عنه نزار في كتاب “دمشق نزار قباني” متغنيا ببيته في دمشق فيقول في دارنا الدمشقية كان اصطدامي بالجمال قدرا يوميا كنت إذا تعثرت اتعثر بجناح حمامة واذا سقطت أسقط على حضن وردة هذا البيت الدمشقي استحوذ على كل مشاعري وافقدني شهية الخروج الي الزقاق كما يفعل كل صبيان الحارة…لايخفي من اشتروا هذا المنزل من عائلة نزار في عام ١٩٦٨ وهم من عائلة نظام ان البيت بقى على حاله خاصة أشجار الليمون والكباد والياسمين والنارنج التي كان نزار يتحدث عنها اما بالنسبة للتجديدات فيه فإنها لم تمس روحه حيث إن القاعدة الأساسية للمنزل بقيت كما هي فالبيت العربي لا يتغير لكن تم إجراء بعض التعديلات في الطابق العلوي وإنشاء اكثر من غرفة فيه وتم وضع مصعد فيه اما باقي التفاصيل من المدخل إلى الليوان والغرف اليمنية واليسارية لم يطرأ عليها أي تعديليكاد لايمر اسبوع دون أن يزور العديد من السوريين وبعض السياح هذا المنزل الذي يذكرهم بهذا الشاعر الدمشقي وتدلهم عبارات على مدخله “هنا جذوري هنا قلبي هنا لغتي هنا سكن نزار قباني” والذي يعكس عراقة العمارة الدمشقية وعبقرية أبنائها في توليفة جميلة تجمع الماء والبنات والزجاج المعشق والحجر الدمشقي الفريد وهذا مادفع وزارتا السياحة والثقافة في سوريا لتوثيقه عام ٢٠١٥ واعتبرته مكانا سياحيا وثقافيا لشخصية معروفة يعتز بها الدمشقيون خصوصا والسوريون عموما.
اعداد : مجد حيدر
