الشاعر عبد اللطيف عيسى: الشعر العمودي قادر على حمل معطيات الحداثة

لم تشغل العلوم العسكرية الدكتور الشاعر عبد اللطيف عيسى عن متابعة التحصيل العلمي الأكاديمي، ودراسة اللغة العربية وآدابها، ونيل شهادة الدكتوراه فيها، ليصقل موهبته الشعرية بالدراسة الأكاديمية.

وأوضح الدكتور عيسى لمراسل سانا الثقافية أنه نشأ في أسرة تشغلها شؤون المعرفة والثقافة، فوالده العلامة الشيخ سليمان صالح كان شاعراً مجيداً زرع فيه حب الثقافة والشعر وعلمه ورباه على الأدب الجاهلي، وأشعار المتنبي والمكزون السنجاري وابن الفارض وعلمه أصول العروض والنحو منذ كان صغيراً.

وأشار إلى دور الطبيعة الجبلية في مسقط رأسه (ريحانة متور)، وسحرها الذي أثر فيه، بالتوازي مع أثر البيئة الثقافية ليعشق الشعر ويقرضه في سن مبكرة، ومع ذلك فقد اختار العلوم العسكرية في مرحلة كانت بلادنا تواجه العدو الصهيوني، بين حربي حزيران وتشرين، فغلب حب الوطن عنده حب الشعر ليلتحق بالكلية الحربية حينها.

ولفت عيسى إلى أنه تابع اهتمامه بالأدب إلى جانب عمله ليصدر أول مجموعة شعرية بعنوان (القوافي لن تفي) عام 1985، وهي قصائد عمودية تحاكي تلك المرحلة في حياتنا، وتمجد الوطن والعروبة والنضال، ثم صدرت له مجموعة بعنوان عبق الريحانة نسبة إلى قريته ومسقط رأسه، تغنى فيها بالريف وجماله وبقريته التي تعانق الصخور والجبال كرجالها.

وبين عيسى أن الشعر العمودي بموسيقاه وإيقاعه العذب الذي يتناغم مع المعنى قادر على تلبية متطلبات الحداثة، وحمل الصور المجنحة، والمعاني العميقة، مشيراً إلى تجارب نديم محمد وعمر أبو ريشة ونزار قباني وسواهم.

ولفت إلى أن الشرط الأول للشعر هو الموهبة التي لا تأتي بالتحصيل العلمي والدراسة، ولكنها تصقل بهما، أما عن وظيفة الشعر برأيه فهي معالجة الواقع بعد تصويره، إضافة إلى دفع عجلة المجتمع نحو البناء والتطوير من خلال تذكيره بماضيه المجيد، فالشعر يستطيع أن يفعل ما لا يفعله السيف.

أما ما نراه اليوم على المنابر، فيرى عيسى أن بعضه ليس شعراً فالشاعر الحقيقي غائب عن المنابر التي يشغلها (الدخلاء والمتشاعرون)، وهذه مسؤولية القائمين على المؤسسات الثقافية، ومسؤولية الناقد فيجب أن يكون على رأس المؤسسات الثقافية متخصصون بالأدب والنقد، وأن توضع محددات لمستوى المشاركين في الفعاليات الأدبية، وأن يمارس النقاد دورهم في ذلك.

وأكد أن هناك شعراء كباراً ولكن لم تتوافر الظروف لظهورهم، فهم إما غائبون أو مغيبون من قبل دعاة الشعر، ولكن التاريخ سينصف الشعراء الحقيقيين ويسقط الدخلاء ويبقي على الأصلاء فالشاعر يبقى من خلال عطائه.

وبين عيسى أن نتاجه الأخير هو ديوان عنوانه (طموح وفتوح)، يتحدث فيه عن الشهداء والعلماء ورجال الفكر وعن المرحلة المعاصرة وتبعات الحرب الإرهابية على سورية وتضحيات شهداء الجيش العربي السوري وانتصاراته.