محللون ومشاركون في حرب تشرين: انتصار تشرين شكل نقطة تحول في تاريخ سورية والمنطقة

كان للكثيرين من أبناء محافظة السويداء كغيرهم من السوريين على امتداد الوطن شرف خوض معارك حرب تشرين التحريرية، التي نعيش ذكراها التاسعة والأربعين والمشاركة بتحقيق الانتصار فيها، وهم الذين يستلهمون من نهج الأجداد وإرثهم الكفاحي وتضحياتهم معاني البطولة والإقدام.الشاعر والمدرس المتقاعد فوزات زهر الدين الذي كان في عداد سرية الاستطلاع ضمن المهام الخاصة خلال خدمته الإلزامية والاحتياطية قال خلال حديثه لمراسل سانا: “كان لي شرف كبير في المشاركة بحرب تشرين التحريرية، وقد أصبت بشظية في خدي الأيسر وكم تمنيت أن أكون شهيداً فوق قمة جبل الشيخ أسوة بمن قدموا أرواحهم الطاهرة، ودماءهم الزكية في سبيل الدفاع عن الوطن وصون أرضه”.ويستذكر زهر الدين كيف شاهد عن كثب عملية تحرير مرصد جبل الشيخ الذي تميز بأهمية عسكرية بالغة، وكان أشبه بقلعة منيعة محصنة بالأسلاك الشائكة والألغام والحواجز الهندسية المعقدة، وكيف استطاعت مجموعات الاقتحام من أبطال القوات الخاصة وبإسناد جوي وبجرأة وإقدام نادرين وبزمن قياسي من السيطرة عليه، وتدمير الوحدات المعادية فيه وأسر آخرين فكان فاتحة انتصارات حرب تشرين.محمد طربيه رئيس فرع جمعية العاديات من أهالي مدينة السويداء عايش أجواء الحرب، ويستذكر كيف كان الأهالي يتلقون بالفخر والاعتزاز أخبار الانتصارات، وكيف كانت تتعالى أصوات الزغاريد والأهازيج الوطنية مع إسقاط كل طائرة للعدو وتقدم الجيش واستعادته للأراضي المحتلة، وكذلك خلال استقبال كل شهيد.ولفت طربيه إلى حالة التلاحم الشعبي التي تجسدت مع الجيش والاندفاع للتطوع والتعاون لمساندة وإمداد القوات، والذي عكس قوة الجبهة الداخلية التي شكلت ظهيراً قويا خلف الجيش أسهمت إضافة إلى بطولات وتضحيات القوات المسلحة في تحقيق الانتصار، مشيراً إلى أن حرب تشرين التي خاضها الجيشان السوري والمصري بدعم عربي قلبت الموازيين في المنطقة، وأعادت الثقة للمقاتل العربي بنفسه وسلاحه لنجاحها في تحطيم حاجز العجز النفسي العربي بعد نكسات متتالية، حيث جددت الآمال بإمكانية النصر على العدو الصهيوني واستعادة الحقوق والأراضي المغتصبة، وأبرزت أهمية العمل العربي المشترك ودور سورية الفاعل في الدفاع عن تلك الحقوق مهما كانت التحديات والظروف.من جهته أكد الباحث الدكتور فايز عز الدين أن حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد شكلت علامة مشرقة في تاريخ العرب الحديث بعد اتخاذ زمام المبادرة في بدء الهجوم العربي الأول ضد العدو الصهيوني لتحرير واستعادة الأراضي المحتلة، وإزالة آثار عدوان ونكسة حزيران حيث تحققت فيها قومية المعركة ونسفت معادلات ونظريات التفوق وقوة جيش العدو الذي لا يقهر، التي حاول العدو ترويجها وفرضها عبر آلة دعايته لكنها تهاوت في الميدان أمام قوة وإقدام المقاتل العربي، ما شكل صدمة كبيرة وتصدعاً في المؤسسة الصهيونية من الداخل قبل أن تنخرط أمريكياً بدعمها بشكل مباشر في الحرب وتتوقف الأعمال القتالية على الجبهة المصرية وتتواصل على الجبهة السورية.وأضاف عز الدين: إن الانتصار في هذه الحرب ونتائجها الكبيرة ثبتت حق سورية والعرب باستعادة الأراضي المغتصبة بعد صدور قرار مجلس الأمن 338 الذي أكد على تنفيذ القرار 224 لعام 1967 وعدم قبول الاستيلاء على الأراضي بالقوة، لافتاً إلى أن السوريين اليوم شعباً وجيشاً ودولة ما زالوا يعيشون في روح المعنى الكبير لتلك الانتصارات، ويستلهمون منها العبر والدروس في مواجهة التحديات والحرب الظالمة ضد الإرهاب الدولي وداعميه.

سانا