أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن النهج العدائي والاستفزازي المتواصل لبعض الدول الغربية حيال الأزمة الأوكرانية، دليلٌ واضحٌ على سعي تلك الدول لتأجيج الحرب، وإذكاء النزعة النازية الجديدة في أوكرانيا، مشيراً إلى أن مشروع القرار الذي قدمته هذه الدول أمام الجمعية العامة، أكثر عدائية تجاه روسيا، وجاء بعد فشلها بتمريره في مجلس الأمن.
وقال صباغ في بيان سورية اليوم خلال استئناف الدورة الطارئة للجمعية العامة حول الحالة في أوكرانيا: إن منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة يشهد استغلالاً فاضحاً من قبل بعض الدول الغربية خدمة لمصالحِها الجيوسياسية، التي تدفع إلى تعميق حالة الاستقطابِ بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث لجأت تلك الدول إلى طلبِ استئناف هذه الدورة الخاصة الطارئة، وتقديمِ مشروعِ قرار أمام الجمعية العامة، أكثر عدائية تجاه روسيا، بعد فشلها بتمريره في مجلس الأمن.
ولفت صباغ إلى أن مشروع القرار المطروح الذي لم يتح للدول الأعضاء دراسته أو إدخال أي تعديلات عليه، أو إفساح المجال للتشاور مع عواصمهم حوله، هو دليلٌ واضحٌ على عدمِ اهتمام تلك الدولِ سوى بتمريرِ مواقفَ سياسية عدائية لروسيا، وذلك من خلالِ رسمِ صورة خاطئة وذات بعدٍ واحدٍ عما يجري.
وأعرب صباغ عن إدانة سورية للحملة المنسقة التي أطلقتها دولٌ غربية وأذرعها الإعلامية ضد روسيا، عبر نشر معلومات مضللة، واتهامات كاذبة، وصور ومقاطع فيديو ملفقة تهدف إلى تقويض الحق الطبيعي لروسيا في درء الأخطار التي تهدد أمن شعبها، على النحو الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت صباغ إلى أن ميثاق الأمم المتحدة الذي كتبه مؤسسوها قبل 75 عاماً بنية حسنة تم استغلاله على مدى السنوات الماضية بطريقة انتقائية خاطئة، باستخدام المعايير المزدوجة في تطبيقه.. فالدول التي تشن حملتها العدائية ضد روسيا اليوم، وتنتقد دفاعها عن أمنها وحدودها، هي ذاتها الدول التي شنت أعمالاً عدوانية همجية ضد سورية بذريعة “الدفاع عن أمنها الوطني”، رغم أنها تبعد عنها آلاف الأميال، مبيناً أن الولايات المتحدة والدول المنضوية تحت ما يسمى “التحالف الدولي” دمرت مدناً بأكملها، وقتلت الآلاف من قاطنيها، كما كان عليه الحال بالنسبة لمدينة الرقة، وبالتالي لا يحق لهذه الدول أن تذرف الدموع أو تلقي الدروس والعظات، لأنها لا تتمتع بأي مصداقية.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أنه بعد تفكك جمهوريات الاتحاد السوفييتي، اعترفت روسيا برابطة الدول المستقلة، ومدت اليد للشركاء فيها بما في ذلك أوكرانيا، وكان على سلطات كييف أن تحترم حقائق التاريخ والجغرافيا، وأن تمتنع عن أي إجراءات أو ممارسات انتقامية ضد الروس المقيمين عبر التاريخ في دونباس، وضد شعبي جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، وأن تلتزم بمبادئ الحياد وحسن الجوار، لكن الحكومات الأوكرانية بعد الانقلاب في العام 2014 تبنت سياسات سلبية وخطيرة تجاه روسيا تقوم على إنكار كل ما يوحد الشعبين، حيث حاول القادة السياسيون والأحزاب السياسية المتطرفة في أوكرانيا وبدعم غربي تشويه الوعي والذاكرة التاريخية للشعب الأوكراني، واستغلت الحركات المتطرفة هذا الوضع لتصعيد الحالة العدائية ضد روسيا.
وأشار صباغ إلى أن دول الناتو لم تكن بمنأى عما يجري، بل لعبت دور المحرض الذي أغرى المجموعات المتطرفة في أوكرانيا بوعود الانضمام للحلف وللاتحاد الأوروبي، والحصول على المساعدات والحماية العسكرية، مقابل رفع مستوى العداء والتهديد ضد روسيا، وقد ترجمت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو هذه السياسات بوضوح من خلال التغطية على ممارسات سلطات كييف التمييزية واللاإنسانية ضد شعبي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وغيرهم من الناطقين باللغة الروسية المقيمين تاريخياً في دونباس وغيرها، ومعاناتهم المستمرة على مدى ثماني سنوات، ما دفعهم إلى أن يختاروا مؤخراً، وبعد تحريرهم، وبشكل حر وطوعي، أن ينضموا إلى الاتحاد الروسي.
ونوه صباغ بجهود روسيا لتحقيق الاستقرار وضمان سلامة وأمن الشعبين الروسي والأوكراني، واستضافتها مئات آلاف اللاجئين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، وتوفير الممرات الآمنة للمدنيين، والاتفاق على مرور شحنات الحبوب والمواد الغذائية.
وأوضح صباغ أن سورية صوتت ضد مقترح ألبانيا بشأن طريقة التصويت على مشروع القرار المطروح، بأن لا يتم عبر التصويت السري عليه، وذلك ليس لأنه ضد الشفافية في عمل الجمعية العامة، وإنما لإدراكها حجم الإحراج والضغوط الكبيرة التي تمارسها الدول الغربية على الدول الأعضاء، لتمرير هذا المشروع غير المتوازن والعدائي ضد روسيا، مؤكداً رفض سورية هذا النهج، ودعوتها الدول الأخرى إلى التنبه لمخاطر الانجرار وراءه، وضرورة رفض مساعي العزل، والاستعداء، والسياسات ذات المعايير المزدوجة.
