رحلة قيثارة

…مجموعة شعرية كتب عنها الشاعر العراقي الأنيق طاهر مهدي الهاشمي ما يأتي …فشكرا له ولكل من يرى بعين الحق …

صدر حديثاً عن دار الشعب للطباعة والنشر في سورية مجموعة شعرية بعنوان (رحلة قيثارة) للشاعر الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب . تقع المجموعة في 248 صفحة من القطع المتوسط , ضمّت بين دفتيها قصائد الشاعر التي وقف فيها على أماكن قام بزيارتها خلال تطوافه في مختلف الأمكنة والبلدان التي استوقفته بما فيه من معان موحية ودلالات ذات شأن , ليصبّ مشاعره الفياضة في قصائد تحكي تأثره وانطباعاته بتلك الوقفات الجميلة الموحية .
وقد قدّم الشاعر الدكتور حسين جمعة لمجموعته هذه بمقدَّمة وافية شافية بيّن فيها رأيه في الشعر والشعراء, مريقاً إضاءته الشخصية على تلك القصائد , موضّحاً خصائصها الفنيّة بما فيها من تناصّ وتقنيات إبداعية كتقنية القناع المنبثقة من تقنية الاستدلال والحجاج التي تسعى إلى إقامة الحجّة على الحاضر بما ينبغي له أن يكون عليه .
يقول الشاعر عن الشعر في مقدَّمة كتابه (رحلة قيثارة ) : (( إن للشعر وظيفة وغاية يحملها في هذه الطبيعة , بوصفه خطاباً يعبّرعن رسائل شتّى على الصعيدين الذاتي والموضوعي . ولذلك فهو ينطلق في كلّ زمان ومكان من هذه الرسائل بأشكال شتّى , ويعزفها بأنغام مثيرة ولوحات مدهشة تحقق المتعة والراحة في النفس , أي أنها تحقق مفهوم الجمال بكلّ أقسامه ).
ويقول في موضع آخر:( ثمّ إنّ الشعر قبل غيره
ينفتح على رغبة جامحة في إطار الاستجابة والرفض والإيجاب والسلب , والفرح والألم , والرضا والمعاناة ..وهو إذ يفعل ذلك كلّه يمثّل رؤية ورؤيا تحقّق الانبعاث الحقيقيى للحلم الذي يدغدغ الذات السرمدية بعيداً عن الغفلة والانكسار . ولعلّ هذا دون غيره يكسب القصيدة خصوصية متفرّدة لا تتطابق مع الأخرى , وإن كان الشاعر ذاته . ..)
وقد اخترت لكم من مجموعته هذه قصيدة مقام إبراهيم الخليل في (الرها _ أورفا) وهي من البحر الجميل الكامل :
بسط الطريق ملاءة عند الهجيرْوتأوّهتْ نفسٌ بأشجان المسيرْ دربٌ مثيرٌ يرتدي ثوب اللّظىيرمي شباك الروح يشدو بالسرور والصّحبُ يمضي حالماً نحو (الرّها)بزيارةٍ فوّاحةٍ مثل العبيرْ
فيها مقامٌ ما يزال مرحّباً بالقادمين الباحثين عن الجذور
أَهدى الحياةَ حكايةً أُعجوبةًسرٌّ عظيمٌ ساحرٌ صنوُ الدّهورْ
تغوي الحقيقةُ باحثاً متتبّعاً
يهوى المعارف نظرةً تُجلي السّتورْ
قمرّية الإيماض في إشراقةٍ نـــــورٌ تجلّى حجّةً بين السّطـورْ فمقام إبراهيم صار رجاءَنا
نهفو إليه نسابق الشّغف الحبورْ
ماءٌ تقدّس صارخاً في ثـــلّـــةٍ
إذْ آلَ رمــزاً للأمــاني والـــــنّذورْ
كلٌّ يهدهد عمره كي يستقي _منه االعذوبة في ظلالٍ يستجيرْ وخليل رحمانٍ بدا في ذاتنا ما زال يُروى عِــبرةً عـند الغديرْ )
أكتفي بهذا القدْر لأن القصيدة طويلة , وأنتقل إلى مقطع من قصيدة ( الساحة الحمراء ):
في الساحة الحمراء من إرثٌ الزمنْ
وقف البهاء معاهداً أبناء مجدٍ غابرٍ
لا يمّحي من خاطر ..
(لينين) يرنو صامداً من موقع
بين الكبار من الورى
قد شاد في بنيانه
صرحاً عظيماً باقياً
نصر الشعوب وما تراجع في النّدى
..)
من يقرأ هذه المجموعة تنتابه مشاعر الغبطة التي يولّدها الترحال , فإذا به مع قيثارة الشاعر في شدوها الممتع والطريف يكمل التطواف في أرجاء الفسحة البديعية لتتجلّى له تلك الأماكن في سحرها كما تجلّت حقيقة لشاعر الحرفّ المصفّى والصورة الطريفة والعبارة الرصينة الدكتور الشاعر حسين جمعة حفظه الله وأمدّ في نفس إبداعه .

اعداد: رجائي صرصر