الاقتصاد السوري المقاوم .!

يونس خلف

طبيعي أنه عندما يكون التفكير بالخطوة الأولى لمواجهة الواقع الاقتصادي من خلال العمل على إعادة الحياة إلى المنشآت والنشاط الاقتصادي بمختلف قطاعاته فإن المسألة الأولى التي تتصدر أولويات هذا العمل هي الزراعة لأن أكثر من 60 بالمئة هو مجتمع يعتمد على الزراعة أو يعيش في مناطق ريفية ولا شك أن الزراعة هي أساس الاقتصاد السوري وقد اهتمت الدولة بشكل كبير بهذا القطاع خلال العقود الماضية فالزراعة تمتص أيادي عاملة كثيرة كما أن الاهتمام بالزراعة مجال مباشر للتعامل مع قضية البطالة ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن الزراعة فقط أرض ومطر وخدمات زراعية ولا يمكن للمزارع أن يعيش في هذه الأرض ولا توجد خدمات أخرى محيطة بها متعلقة بحياته اليومية من التعليم إلى الطرق إلى الخدمات الأخرى المطلوبة. والأولوية المماثلة تكون للقطاع العام الذي أثبت بأنه ضامن للاستقرار من جهة ومن جانب آخر تقديم الدولة لمواد استهلاكية بأسعار معقولة يؤدي لحماية المواطن ويؤدي أيضاً بنفس الوقت لتخفيض الأسعار من قبل كل من يفكر بالاحتكار أو استغلال المواطن . وبالمحصلة فإن النهوض بالمحافظة يأتي في مقدمة الأولويات من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الصناعية والسياحية والزراعية التي ستسهم في زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الخدمات . وهذا يمكن أن يتحقق من خلال زراعة الأرض بالعلم أولاً قبل زراعتها بالأشجار والمحاصيل الأخرى . ولعل الناتج الأساسي هنا يتصل بمفهوم الأمن الغذائي الذي يستند إلى أعمدة أساسية في مقدمتها أن نمتلك الوسائل والأمن والأمان لإنتاج أو شراء الأغذية التي نحتاجها فالحصول على الغذاء يشمل الكثير من الخطوات وعلينا أن نفهم من أين يجب أن يكون غذاؤنا حتى يمكن أن نتخذ القرار المستقل ونحقق أمننا الغذائي بأيدينا ولا شك أن المواطن السوري أصبح يدرك أن ثمة منعكسات طبيعية لهذا الواقع على الاقتصاد الوطني وقد عانى الجميع من ارتداداتها على الجانب المعيشي تجلت في تخريب حقول وخطوط نقل النفط والمشتقات ما كرس نقصاً في العائد الأساسي الناجم عن تصدير النفط والتخريب الممنهج للمرافق الخدمية من كهرباء وصحة واتصالات ونقل وتدمير المصانع الأساسية التي تصنع السلع والمنتجات الهامة والأساسية كل ذلك أفرز مجموعة من التحديات التي كان لها الأثر السلبي المباشر على الوضع الاقتصادي وتراجع الأداء والتأثير على مستوى معيشة المواطنين ولذلك . ولذلك فمن الطبيعي أن نشهد تغيرات على مستوى الفقر والاحتياجات الإنسانية والحالة الصحية العامة والخدمات العامة كلها ومن الطبيعي أن تؤدي هذه الحرب العدوانية وتداعياتها إلى تزايد معدلات الفقر نتيجة توقف عدد كبير من المنشآت الاقتصادية عن العمل وتوقف معظم المشاريع التي كانت تقوم بها الدولة لتحسين الواقع المعيشي إضافة إلى تزايد أعداد المهجرين داخلياً وخارجياً وتخلخل التوزع السكاني وفقدان مصادر العيش وخاصة الزراعية بفعل ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة .