حينما تعود بك ذاكرة التلفزيون والسينما إلى حقبة الستينات باعتبارها سنوات بزوغ الدراما السورية واعتلاء عدد من القامات السورية عتبة الشاشات العربية وربما العالمية أحياناً على مختلف أصعدة الفن ستجد بدايات لممثلين كبار كدريد لحام ونهاد قلعي ومنى واصف وكذلك الفنان أسعد فضة صاحب التاريخ الفني الزاخر بالإبداع المثقف وصاحب الحضور المخرج قبل أن يكون ممثلاً ستجد من جعل خروج الممثل عن قالب الكاريزما أمراً بسيطاً.
ولد الفنان القدير أسعد فضة عام 1938 في محافظة اللاذقية وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة عام 1962 وتألق في مجالات فنية واسعة وبدأ بإخراج المسرحيات في عمر مبكر فكان أول عمل له على خشبة المسرح بعنوان “الأخوة كارامازوف” للكاتب الروسي فيودور دوستوفسكي عام 1963 تلته مسرحية “دون جوان” عام 1965 و”عرس الدم” عام 1966 وكذلك “دخان الأقبية” عام 1967 و”التنين” عام 1968 وعام 1969 أخرج مسرحيتين “السيل” و”الملك العاري” و”الغريب” عام 1970 و”سهرة مع أبي خليل القباني” عام 1975 وأيضاً “حرم سعادة الوزير” عام 1981.
وبعدها انتقل فضة من الإخراج إلى التمثيل سواء في الدراما وحتى السينما وتنوعت أعماله بين التاريخية والاجتماعية المعاصرة وأعمال البيئة الشامية والساحلية ومنها “بلقيس ملكة سبأ وفارس الجنوب وبيوت في مكة وامرأة لا تعرف اليأس وعز الدين القسام والوصية والرحيل إلى الوجه الآخر وهجرة القلوب إلى القلوب والعبابيد وانتقام الوردة ونزار قباني ورياح الخماسين” وبطولة مسلسلات “الجوارح والكواسر والبواسل” والتي تصنف تحت لائحة الفانتازيا التاريخية.
وشارك أيضاً في “بنت الضرة وذي قار وفارس بني مروان وقمر بني هاشم ورايات الحق واسأل روحك وشركاء يتقاسمون الخراب وسيد العشاق وكشف الأقنعة ووردة لخريف العمر وحرب السنوات الأربع وفرصة أخيرة ومسلسل “العوسج” الذي نال عليه جائزة أفضل دور تاريخي من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
إضافة إلى عدد كبير من أعمال البيئة الشامية والتي لربما أشهرها مسلسل “أبو كامل” الذي جسد خلاله شخصية حملت اسم المسلسل نفسه فضلاً عن السباعية الشهيرة “أبو البنات” التي لعب فيها دور البطولة ومسلسلات “بيت جدي وصدر الباز وأسعد الوراق والدبور ورجال العز وباب الحارة 8 وسوق الحرير”.
وفيما يخص أعمال البيئة الساحلية التي شارك فضة بها فأبرزها فيلم “ليالي ابن آوى” والذي نال عنه جائزة أفضل ممثل من مهرجان دمشق السينمائي وفيلم “رسائل شفهية” وفيلم “قمران وزيتونة” حيث تعد هذه الأفلام باكورة الإنتاج الفني السوري الذي رصد الحياة والطقوس القديمة في قرى الساحل السوري.
وشغل الفنان أسعد فضة عدة مناصب حيث كان مديراً للمسرح القومي عام 1967 وترأس المركز الدولي للمسرح عام 1968 وبعدها أصبح نقيباً للفنانين السوريين لدورتين بين عامي 1998-2006.
وتقلد منصب مدير المسارح والموسيقا التابعة لوزارة الثقافة وعين مديراً لأهم ثلاثة مهرجانات سنوية سورية وهي “مهرجان المحبة” في اللاذقية ومهرجان “بصرى الدولي” في درعا ومهرجان “دمشق المسرحي” كما تم تكريمه بإطلاق اسمه على صالة “المسرح القومي” في اللاذقية عام 2006.
وعند سؤاله عن واقع الدراما السورية في الوقت الحالي أثناء تكريمه في نقابة الفنانين بدمشق قال فضة في تصريح لـ سانا: طالما الجمهور العربي لا يرغب بالاستغناء عنها وينتظرها في كل موسم رمضاني فهذا دليل على أنها بخير حتى ولو تخللها بعض الركود وقلة الإنتاج.