مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف تتحول مملحة جيرود في القلمون الشرقي بريف دمشق إلى مقصد اصطيافي يرتاده أهالي المنطقة ليلاً هرباً من شدة الحر وللاستمتاع بأجوائها الباردة المنعشة والنسمات العليلة على رمالها البيضاء.ففي الوقت الذي تلامس فيه درجات الحرارة معدلات مرتفعة في النهار تحافظ مملحة جيرود المتاخمة لحدود البادية السورية على برودة طقسها ليلا نظراً لرطوبتها العالية ما يجعلها وجهة مفضلة لغالبية الأسر والعائلات لقضاء ليلتهم في فضاء رحب بارد ومنعش
علا ربة منزل جلست برفقة أسرتها وتحدثت عن الأجواء الليلية الساحرة وقالت لمراسل سانا: “هنا نجد الراحة والمتنفس والاستمتاع مع الأهل بالجو الليلي المنعش بعيدا عن حرارة الطقس المرتفعة في المنازل” مضيفة “هنا ينغمس الأطفال بالرمال أو ما يسمى بحمام الرمل ويتناولون الأطباق المعدة من قبل أمهاتهم بكل شهية”.الشابة علا أوضحت أن الأهالي يفضلون الهرب إلى الطبيعة مع أولادهم وهم مطمئنون لعدم وجود حشرات أو زواحف ضارة كالأفاعي والعقارب نظراً لملوحة الأرض التي تحد من وجودها.ومع انحسار الماء خلال فصل الصيف تكتسي المنطقة بالحبات الملحية البلورية التي تتلألأ مع الأنوار لتتحول بمساحتها المنبسطة إلى ملاعب رملية بشتى أصنافها للأطفال والعائلات إضافة إلى تجمعات لسماع الأهازيج التراثية وحفلات الدبكة الشعبية
جرير بكر من أهالي المنطقة اعتاد مع أصدقائه قضاء ليالي عطلة نهاية الأسبوع الصيفية في المملحة بشكل دوري قال: “باتت المملحة اليوم هي المتنفس الوحيد لأهالي المنطقة في ظل ارتفاع الحرارة وهي أشبه بمكيف طبيعي أو براد يحافظ على حيوية ونضارة الموجودات بداخله لبرودتها ليلا”.بكر الشاب المنشغل بتحضير الطعام مع أصدقائه لفت إلى أن الكثير من الشباب يفضلون الخروج إلى المملحة لتنظيم جلسات شواء على الطريقة التقليدية حيث توقد النار في حفرة صغيرة حتى تصبح جمراً ثم توضع قطع اللحم بعد لفها بورق قصدير بين الجمر وتغلق الحفرة لفترة من الزمن وبعدها نحصل على لحم لذيذ لا يعرف روعة مذاقه إلا من تناوله في سهرة صيفية تكون النجوم أنيسه الوحيد فيها.المهندس حسين راكان بين أن مملحة جيرود تحولت بسبب الجفاف وقلة الأمطار إلى بحيرة موسمية تتمدد وتتقلص حسب كمية الأمطار والسيول وعلى كتفها الغربي توجد برك مائية كانت منذ سنتين مضت مقصداً للزوار ومحبي صيد السمك في مشهد أشبه بالخيال أن تصطاد السمك من وسط الصحراء وعلى أطرافها الشرقية تقع التعوس حيث الكثبان الرملية البيضاء في منظر فريد وتضاريس لا تجدها إلا في منطقة القلمون الشرقي.المهندس راكان أشار إلى ضرورة إيلاء المملحة الأهمية المطلوبة كمحمية طبيعية مع مراعاة ألا تنعكس المشاريع الاستثمارية فيها سلباً على تميزها الحيوي وتفردها من حيث التضاريس والبيئة لتبقى متنفساً طبيعياً لأهالي المنطقة وزوارها.
سانا