“دير الشيروبيم”
منارة أثرية ودينية سورية

من دمشق تقطع براً مسافة ٣٥ كم إلى الشمال لتصل إلى صرح يعانق السحاب فوق أعلى قمم القلمون الشرقية والذي يرتفع ٢٠٠٠م عن سطح البحر ومن قمته هذه يعيدك عبر منظر بانورامي من الجبال والتلال والسهول إلى رؤية دمشق والنبك وسهل البقاع إنه “دير الشيروبيم” بهذا الاسم المستقى من الملائكة يشكل صرحا اثريا تاريخيا مهما ومقصدا لراغبي السياحة الدينية في سورية، بني في القرن الثالث الميلادي نتيجة اضطهاد المسيحين من قبل الوثنيين وأصبح انقاضا في القرن السادس عشر واعيد بناؤه عام ١٩٨٢ في عهد البطريرك اغناطيوس الرابع على يد الأم كاترين ابي حيدر رئيسة دير سيدة صيدنايا البطركي

والشيروبيم كلمة ارامية معناها الملائكة وهي مركبة من شيروب اي الملاك و ال بيم كلام الجمع أما عن اقسامه فاحدهما عبارة عن سلسلة من المغاور المحفورة وعددها ٢٣ كان يتعبد فيها الرهبان بشكل مشترك او افرادي وبجانبها مدرج يعود للقرن الثالث الميلادي كان يجتمع فيه الرهبان مع الأب الروحي لتلقي التعاليم الدينية انذاك والقسم الآخر فيه عبارة عن أبنية ضخمة بعضها للأطفال الأيتام والآخر تقام فيه مخيمات صيفية سياحية دينية لزوار من داخل سوريا وخارجها وفي محيطه بستان تجري فيه أعمال زراعية يضم أنواع مختلفة من الأشجار المثمرة تؤمن مونة الدير كما يوجد فيه بئر ماء يعود حفره لعام ١٩٨٦ وإلى اليوم يلاقي هذا الدير الأثري التاريخي العريق اهتماما خاصا وكبيرا لمتابعة التنمية الروحية والعمرانية فيه ليبقى الشاهد على مسيرة الزمن بحلوها ومرها وعلى أحداث لم تنل من حضوره المشع في منطقة شهدت عبر تاريخها أحداث و اضطرابات ومحن لتحتضن فيما بعد تمثال”جئت لأخلص العالم” للسيد المسيح الذي تم نصبه في ١٤ تشرين الأول عام ٢٠١٣

بارتفاع يبلغ ٢٩ م يرمز للسلام والتآخي والمحبة يقف حاميا للمنطقة والمناطق التي يطل عليها في سورية ولبنان وهو الأكبر في الشرق الأوسط والعالم العربي وثاني أكبر تمثال في العالم لكن يد الإرهاب لم تكن بعيدة عن دير الشيروبيم جراء الحرب التي تعرضت لها سورية فكانت له حصة من الدمار والخراب لكنها لم تنل من وجوده ومن مقتنياته فقد تصدى حامية الدير من الاهالي والجيش العربي السوري لهذا الإرهاب ليبقى صرح الدير واجراس كنيسته رسالة البقاء والنقاء للحفاظ على أرضه المباركة التي بقيت تعطي الحب والسلام بصمود أهلها.

اعداد: مجد حيدر