حمام الملك الظاهر مستمر منذ أكثر من 1037 عاماً

ما بين قبة الجامع الأموي والمدرسة العادلية طريق حجري ضيق بمنتصفه بضع درجات صغيرة تنقلك من ضجيج المحال التجارية وحركة المارة في سوق الحميدية لتحط رحالك في أقدم الحمامات الدمشقية العريقة (حمام الظاهر بيبرس).

الحمام الأثري الذي يقع في حي العمارة بناه احمد بن حسين العقيقي عام 985 ميلادي قبل أن يشتريه الملك المملوكي السعيد ناصر الدين عام 1277 ميلادي وسماه باسم والده الملك الظاهر بيبرس حسب المؤرخ والباحث في التاريخ محمد قهوجي.

وفي تصريح لمراسلة سانا بين قهوجي أنه داخل سور مدينة دمشق 137 حماماً وهذه الحمامات لعبت دوراً كبيراً في الحياة الثقافية والاجتماعية إذ كانت رئة ومتنفس الحي يذهب إليها الناس مرة أو مرتين في الأسبوع حيث تتم مناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية وحل الخلافات وكانت النساء يقصدن الحمام لانتقاء عرائس لأبنائهن مبيناً أن الحمامات في السابق كانت تقدم خدمة عامة غير مأجورة للناس جميعاً.

وقال قهوجي إن أغلب الحمامات يتم الدخول إليها عبر درجات صغيرة إذ أن هذه الدرجات تسهم بوصول منسوب المياه إلى الحمام عبر أقنية المدينة لافتاً إلى أن الحمامات في السابق وجدت لخلو البيوت الدمشقية منها حيث كان وجود الحمام يقتصر على القصور والبيوت العربية الكبيرة.

وحول طريقة بناء الحمامات أوضح قهوجي أن أغلبها بني بشكل هندسي على شكل قبب لتصل الإضاءة إلى كل مكان وبنيت الجدران من الجبصين والقش والكلس لمنع الرطوبة والجراثيم أما التربة الحلبية فكانت لإضفاء الرائحة الزكية على المكان إضافة غلى الأجران المزخرفة والمحفورة والنوافذ المصنوعة من الزجاج المعشق ذات الألوان البهية التي تعطي البهجة للمكان.

وبدوره مالك الحمام بسام كبب بين أن حمام الملك الظاهر من أقدم حمامات مدينة دمشق ويعملون بهذه المهنة المتوارثة أباً عن جد منذ أكثر من 1037 عاماً حيث كان جده شيخ كار الحمامات لافتاً إلى أن عملهم لم يتوقف خلال سنوات الحرب على سورية لكنه خف بعض الشي نتيجة تواجد الحمامات في أغلب البيوت وتحولت طقوس الحمامات إلى منحى آخر حيث بات بالنسبة لأهل الشام مكاناً للسيران والنزهة وقضاء أوقات ممتعة فيه إضافة إلى أنه أصبح تقليداً لإقامة حفلات الأعراس للنساء والرجال.

وأوضح كبب أن الحمام يتألف من ثلاثة أقسام: البراني وفيه بحرة مضلعة من الحجر الوردي ونافورة مياه تضفي الجمال على المكان المخصص لاستقبال الزبائن ووضع أمتعتهم وإماناتهم في الفتحات والرفوف الخشبية وفيه إيوانات يتم الصعود إليها بدرجات حيث يستريح الزبون فيها ويتناول بعض المشروبات قبل الدخول والحصول على أدوات الحمام الخاصة به كالمناشف والقبقاب ثم يدخل إلى القسم الوسطاني الذي يحوي الأجران الرخامية وأدوات الحمام حيث ينتقل بعد إنتهاء حمامه إلى القسم الجواني الأشد حرارة عن سابقيه والذي تتم فيه عملية المساج والتكييس وبعد إنتهاء الحمام يخرج الزبون بالتسلسل من الجواني إلى الوسطاني إلى البراني للحفاظ على درجة حرارة الجسم وعدم التعرض للأمراض.

وأضاف كبب: “يعمل بالحمام عدد من الأشخاص منهم الناطور المسؤول عن استقبال وخدمة الزبائن داخل الحمام ضمن قسمي البراني والوسطاني والمكيس المسؤول عن تلييف الزبون في القسم الجواني والتبع المسؤول عن تغسيل رأس الزبون ومساعدة المكيس في عمله والقيام بشطف وتنظيف الأقسام وتجهيزها والأميمي المسؤول عن إيقاد النار وتسخين الماء”.