معركة ميسلون.. تأسيس لتاريخ نضالي سوري ونهج وطني بالمقاومة والتصدي للغزاة

لا يختلف رصاص البنادق الذي أطلقه المستعمر الفرنسي على البطل يوسف العظمة ورفاقه آنذاك عن الرصاص الذي يطلقه المستعمر الحديث وأدواته من التنظيمات الإرهابية منذ أكثر من 11 عاماً وحتى الآن على سورية وشعبها وجيشها بهدف زعزعة استقرارها وتدميرها وسرقة مواردها.في الذكرى الثانية بعد المئة لمعركة ميسلون يحيي السوريون هذه المناسبة الغالية عليهم ومعظم ربوع سورية ينعم بالأمان.. أمان راسخ على أرضية انتصارات الجيش العربي السوري على إرهاب مندحر إلى ما تبقى من جيوب متفرقة سيأتي أوان تطهيرها.البطل العظمة كان يدرك الفارق الكبير بين الطرفين لصالح قوات الاحتلال الفرنسي حيث سيواجه نحو 9 آلاف جندي فرنسي مدعومين بمئات المدرعات والآليات الثقيلة إلا أنه قرر أن يسجل ومن معه من السوريين الأبطال تاريخاً نضالياً بماء الذهب ودرسا للأجيال اللاحقة.مأثرة الشهيد العظمة تزداد رسوخاً بين السوريين وهم يواجهون منذ أكثر من 11 عاماً حرباً عدوانية تداخلت فيها قوى العدوان الدولية والإقليمية وبعض السوريين المرتهنين لخطط المستعمر الجديد وجميعهم يتمحورون حول هدف واحد هو تحييد سورية والنيل من موقفها ودورها المحوري في المنطقة.. المقاوم لمشاريع كيان العدو الصهيوني والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني.ميسلون تكمل مسيرة قادة عظماء عبر التاريخ دافعوا عن أوطانهم وهي تكرس بين الأجيال اللاحقة إيماناً بأن مقاومة مبنية على أسس وطنية راسخة هي وحدها القادرة على صون الوطن وصد العدوان ودحر المستعمرين مهما تغيروا وتبدلت أساليبهم.في الرابع والعشرين من تموز تتجدد ذكرى معركة العزة والإباء “ميسلون” التي قادها وزير الحربية السوري يوسف العظمة في مواجهة عدوان فرنسي مهد لاحتلال فرنسي دام 25 عاماً.تاريخياً.. اقترنت هذه المعركة باسم يوسف العظمة ورغم معرفته وحسن تقديره بأن القوات الغازية أكبر وأعظم عدة وعتاداً وعدداً إلا أن يوسف العظمة العسكري المتمرس فضل الشهادة على أن يقال دخلت قوات غازية دمشق دون مقاومة.وانطلق العظمة ورفاقه لملاقاة الغازي الفرنسي ليحفظ لتاريخ سورية العسكري هيبته ووقاره.. فقد كان يخشى أن يسجل في كتب التاريخ أن الجيش السوري قعد عن القتال ودخل المحتل عاصمته دون مقاومة وتكون المعركة نبراساً للشعب السوري في مقاومته للمحتل.ورغم دخول الفرنسيين دمشق فإن إقامتهم فيها لم تكن هانئة… استمر النضال السوري نحو 26 عاماً حتى عادت دمشق عاصمة لدولة مستقلة ذات سيادة في السابع عشر من نيسان 1946.رسخ البطل يوسف العظمة في تلك المعركة أهمية الجيش حيث أصر أن يكون معظم المقاتلين معه في المعركة من عناصر الجيش ليكون ذلك منطلقاً لحقيقة جديدة رسخت مؤسسة الجيش كرافعة أولى للدولة الوطنية المستقلة وجعل منه ضمانة للتصدي للعدو وهي الحقيقة التي ترسخت قولاً وفعلاً في تاريخ سورية حتى اليوم.كما أكد العظمة بإصراره على مواجهة الجيش الفرنسي أنه لن يدخل أي محتل أو مستعمر إلى سورية دون مقاومة ودون ان يكون لذلك ثمن باهظ الأمر الذي لا يزال قائماً وتجذرت منذ ذلك الحين العقيدة السورية لدى الجيش والشعب ضد المستعمر وهذا ما أعاد تأكيده الجيش السوري في الحرب الأخيرة التي يواجه فيها الإرهاب.. وهذا أمر مستمر وراسخ في النهج الوطني السوري.ما زالت ميسلون التي خاض غمارها العظمة ورفاقه الأبطال تشكل ملحمة بطولية يفوح منها عبق الدروس والعبر المتجسدة في أرقى وأنقى وأعظم معاني التضحية والفداء دفاعاً عن الوطن حيث يتمسك السوريون بهذه المناسبة ويسيرون في طرق أنارتها ويقدمون أروع صور الفداء والتضحية في سبيل الوطن.

سانا