حبة القمح بين نارين ..!

يونس خلف
لكل عمل معطياته وظروفه المتبدلة حتماً بتبدل الزمان والمكان وما يستجد من هذه الظروف ولاسيما القاهرة منها والتي تكون خارج إرادة الذين يخططون للعمل أو يقومون بتنفيذه . ولطالما مرت على مواسم الحبوب في سورية ظروف كثيرة   بدءاً من الظروف الجوية وانحباس الأمطار ومشكلات البذار وإجراءات التسويق لكن الشعار ظل مستمراً وهو استلام كل حبة قمح من المنتجين وتقديم الحوافز التشجيعية والتسهيلات التي تحقق ذلك .
اليوم ومنذ بداية الحرب العدوانية على سورية تبدلت تلك الظروف التي كان يتم التغلب عليها عندما سرق الاحتلال هيبة  المحصول الاستراتيجي الأول القمح وتسببت سيطرة المجموعات المسلحة والميليشيات المرتهنة للمحتل الأميركي وخاصة قسد بتراجع الإنتاج الزراعي من خلال ممارسات متعددة بدءاً  من عدم ثبات السعر و بيع الأسمدة والمواد الضرورية للزراعة بالدولار  وصولًا إلى عدّم تمكن المزارعين من الزراعة  إلا بتعهد عدم تسليم إنتاجهم للدولة  والتهديد بقطع التيار الكهربائي  ولذلك يجد المزارعون أنفسهم  بين نارين في ظل هذه الظروف بينما لسان حال الفلاح يقول يجب ألا يتحول رزقه  ولقمته إلى ورقة ضغط ، إضافة إلى أن البعض ونتيجة الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج  يضطرون للذهاب لمن يدفع أكثر  فثمة من  يبحث في النهاية عن الربح لاسيما عندما يترافق مع الضغوط والممارسات القمعية من قبل قسد التي لا تريد أن يخرج محصول القمح من المناطق التي تسيطر عليها بذريعة  تأمين الخبز للسكان في مناطقها  بينما المحتل الأميركي  يقوم باستغلال الموارد في المناطق التي  تسيطر عليها وضمنها المحاصيل كورقة للضغط  .
الدولة السورية  رفعت سعر شراء كيلوغرام القمح من الفلاحين إضافة إلى  منح مكافأة  وقامت بفتح كل مراكز الاستلام بالمحافظات لاستلام الموسم الحالي و تأمين متطلبات تسويقه بما يضمن توريد كل حبة قمح  ورصدت المبالغ اللازمة لدفع ثمن الأقماح للفلاحين وتسليمهم مستحقاتهم في غضون أسبوع على الأكثر اعتباراً من تاريخ التسويق و استلام جميع الكميات الواردة إلى المراكز على أن يتم التنسيق بين مؤسستي الحبوب والأعلاف لاستلام المحصول الذي تكون نسبة الأجرام والشوائب فيه مرتفعة  ودفع تكاليف الغربلة وإعفاء الفلاحين منها . لكن تبقى حبة القمح مسروقة من المحتل الأميركي والمرتهنين له ويبقى الاستهداف الأساسي المحاولات اليائسة لتجويع السوريين وتعطيل وسائل الأمن الغذائي .